نعم ربما يتفق ـ كما في هامش الكتاب (١) ـ إحراز كون المولى بصدد التحريك الجدي والبعث الحقيقي ، فيكشف عن تمامية علته من باب كشف المعلول عن وجود علته التامة ، لا من باب كشف الخطاب عن المراد الجدي.
وعن بعض أجلة العصر (٢) وجه آخر في منع الاطلاق ، وهو أنه لا يمكن القطع بحكم ظاهري بواسطة الاطلاق والعموم ، لأن المفروض الشك في أن خطاب الشرع في هذا المورد حسن أم لا ، ولا تفاوت بين الخطاب الظاهري والواقعي.
وأنت خبير بأن حجية الامارات الغير العلمية سندا ، وإن أمكن أن يكون بمعنى جعل الحكم المماثل ، ومطلق التكليف مشكوك الثبوت مع الشك في الابتلاء وقيديته.
إلا أن حجية الامارات الغير العلمية دلالة ، كالظهور العمومي أو الاطلاقي ليست بمعنى جعل الحكم المماثل من العقلاء على طبق مؤديات الظواهر ، بل بمعنى بناء العقلاء عملا على اتباعها ، والحكم باستحقاق المؤاخذة على مخالفتها.
فليس هناك حكم تكليفي ظاهري ليكون حاله حال الحكم الواقعي في التقييد بالابتلاء وعدمه.
ثم اعلم أنه ـ مع الاغماض عما ذكرنا من محذور التمسك بالاطلاق ـ لا فرق بين أن تكون الشبهة مفهومية أو مصداقية.
أما الأولى فواضح ؛ لدوران الأمر بين الاطلاق والتقييد من رأس ، إذا كان أصل قيدية الابتلاء مشكوكا ؛ ولدوران الأمر بين الأقل والأكثر والشك في زيادة
__________________
(١) كفاية الاصول / ٣٦١ ـ ٣٦٢.
(٢) هو المحقق الحائري قده. درر الفوائد / ٤٦٥.