أو النهي.
والجواب : أن المبغوضية منبعثة عن المفسدة ، كالمحبوبية عن المصلحة.
وعدم صيرورة المحبوبية إرادة تشريعية مساوقة للتكوينية ، أو عدم صيرورة المبغوضية كراهة تشريعية مساوقة للتكوينية ، ليس لأجل دخل القدرة ، وما هو من شئونها في كونها ملاكا للنهي ، بل لدخلها ابتداء في الزجر.
فيستحيل تحقق الجزء الأخير من العلة التامة للزجر لاستحالة معلولها ، فحيث لا يمكن التكليف لا يريده ، لا أنه حيث لا يمكن الارادة لا يكلفه.
وأما حديث استكشاف حسن التكليف وقبحه فنقول : إن الحسن أو القبح ربما يكون لأجل مصلحة في التكليف أو مفسدة فيه ، فحاله حال حسن الفعل وقبحه.
وربما يكون لأجل اللغوية ونحوها ، فهو أمر عقلي أجنبي عن المصالح والمفاسد المستكشفة بالخطاب ، فتدبر جيدا.
وأما عدم التمسك على الوجه الثالث ، كما هو ظاهر المتن ، فمجمل الكلام فيه : أنا بينا في محله أن ظهور الدليل على التعبد بشيء أو إيجاب شيء أو تحريمه دليل على إمكانه وحسنه ، لظهوره في وقوعه منه ، وهو أخص من إمكانه وحسنه ، والظاهر حجة الى أن تقوم حجة على خلافه.
واحتمال استحالته أو قبحه ليس بحجة ، كي يمنع عن التمسك بالظاهر ، فالاطلاق دليل بالالتزام على إمكانه وحسنه.
لكنه لا يجدي فيما نحن فيه لأن دلالة الظاهر إنما يتّبع فيما هو ظاهر فيه ولو بالملازمة ، فيدل على أن الانشاء بداعي جعل الداعي مجردا عن قيد من قبل المتكلم ممكن وحسن منه ، وأمّا أنه لا قيد له بحكم العقل ، فهو أجنبي عن مقتضيات المدلول الذي يكون الكلام ظاهرا فيه.