وعن بعض (١) أجلة العصر ( قده ) أيضا الالتزام بعدم شرطية الابتلاء في حقيقة التكليف ، لكنه بدعوى أن حقيقة التكليف ليست بمعنى البعث والزجر وجعل الداعي ، ليتوهم الاستهجان العقلائي.
بل حقيقة التكليف هو الالزام بالفعل والترك ، وربما يكون نفس هذا الالزام موجبا لتحصيل الابتلاء ، فكيف يكون مشروطا بالابتلاء به.
لكنا قد بينا مرارا : أن حقيقة التكليف الذي يتوسط بين إرادة المولى لفعل العبد وإرادة العبد إياه ، هو جعل الداعي له ، بحيث يكون ايجادا تسبيبيا تنزيليا من المولى ، وإن كان لهذا الايجاد التسبيبي عناوين مختلفة باعتبارات متعددة :
فمن حيث الايقاع في كلفة الفعل أو الترك تكليف.
ومن حيث جعله قرينا للمكلف ـ بحيث لا ينفك عنه إلا بالاطاعة أو العصيان ـ إلزام ، فكأنه جعله لازما له.
ومن حيث إنه موجب لحركته نحو الفعل تحريك. ومن حيث اثباته على رقبته ايجاب ، وهكذا.
وأما لزوم تحصيل الابتلاء المنافي لشرطية الابتلاء ، فانما يرد إذا أريد شرطيته الابتلاء للأمر والنهي معا ، مع أنه لخصوص النهي ، فانه الذي لا يحسن مع حصول متعلقه ، وهو الترك بنفس عدم الابتلاء.
وغاية ما يمكن أن يقال في وجه اعتبار الابتلاء في خصوص التكليف التحريمي ، مع تساوي الفعل والترك في القدرة المعتبرة في البعث والزجر : هو أن
__________________
(١) لعله المحقق النهاوندي قده لأن مراده بالعنوان المزبور كما صرح به مرارا في هامش الجزء الأول على حسب التجزئة في الطبعة الأولى إما هو المحقق المزبور وإما هو المحقق الحائري قده وليس في كلام الثاني فالمراد هو الاول ولا يحضرنا كتابه حتى نراجعه.