شرب هذا الإناء في هذه الساعة مقرون باحتمال مطلوبية ترك شرب الآخر في هذه الساعة ، وهكذا الى حد الاضطرار.
وأما بعد الاضطرار ، فليس ترك شرب ما لم يضطر إليه ذا طرف فعلا ليدور الأمر بين مطلوبيته ومطلوبية طرفه ، ولا ذا طرف قبلا ، لأن كل ترك في كل زمان كان له طرف يختص به دوران الأمر بين مطلوبيته أو مطلوبية طرفه ، فليس للترك بعد الاضطرار طرف لا فعلا ولا قبلا ، فهو احتمال بدوي غير مقرون باحتمال آخر ، ولو من أول الأمر.
قلت : أولا ـ إن مطلوبية كل ترك في كل زمان ملازمة لمطلوبية ترك آخر في زمان آخر ؛ لأن كل ترك مطلوب من حيث إنه ترك شرب النجس مثلا ، فكل التروك في جميع الأزمنة في الطرفين على حد واحد.
وحينئذ نقول : إن التكليف بترك الشرب في كل زمان إن كان محققا من أول الأمر بنحو الواجب المعلّق ، فلا إشكال من حيث دوران الأمر بين ثبوت تكاليف متعددة من الأول ، إما في طرف المضطر إليه إلى حد الاضطرار ، وإما في الطرف الآخر إلى الآخر.
وكذا إن كان بنحو الواجب المشروط ، وقلنا : بأن العلم به بلحاظ فعليته في ظرفه للعلم بتحقق شرائط تنجزه في ظرفه له الأثر ، فان العلم بالتكاليف الحالية والاستقبالية له الأثر من أول الأمر ، فيتنجز التكليف فيما بعد الاضطرار للعلم به إجمالا من الأول.
وإن قلنا : بأن العلم بالواجب المشروط لا أثر له قبل تحقق شرطه ، فيكون العلم بالتكليف في كل زمان منجزا له في ذلك الزمان إلى أن ينتهي إلى الاضطرار ، فلا علم فيما بعده بتكليف فعلي في هذا الزمان ، إما في هذا الطرف أو في ذلك الطرف.
والمفروض : أن العلم به إجمالا من أول الأمر لا أثر له ، فيجب الاحتياط