فعل مقدور وفعل غير مقدور ، فلا أثر له لعدم التكليف الفعلي على أي تقدير ، كذلك إذا علم إجمالا بمثله بقاء لا حدوثا ، فانه لا علم له بتكليف فعلي على أي تقدير بقاء من أول الأمر ، بل له العلم به إلى حد الاضطرار.
واستند (قدس سره) في البقاء على صفة التنجّز (١) إلى دوران الأمر بين تكليف محدود في هذا الطرف وتكليف مطلق في ذلك الطرف فيكون احتمال التكليف المطلق من اول الأمر مقرونا باحتمال التكليف المحدود فله الأثر من اول الأمر بيانه : أنه ليس التكليف المعلوم مرددا بين ان يكون محدودا او مطلقا ، حتى ينحل إلى معلوم ومشكوك ، نظرا إلى أن ثبوت أصله إلى هذا الحد متيقن وفيما بعده مشكوك ، بل اشتراط أصل التكليف بالقدرة وتحديده بالاضطرار معلوم.
إنما الشك في أن التكليف بترك شرب النجس المعلوم ، هل هو منطبق على ترك شرب هذا الاناء إلى حد الاضطرار إلى شربه؟ أو على ترك شرب ذلك الاناء الذي لا اضطرار اليه على الفرض؟.
وليس التكليف في أحد الطرفين من حيث الانطباق متيقنا بالاضافة إلى الآخر ، نظير ما إذا علم بأنه مأمور بالجلوس ، إما في هذا المسجد ساعة ، أو في ذلك المسجد الآخر ساعتين ، فكونه مأمورا بجلوس ساعة ، وإن كان معلوما على أي تقدير ، لكنه لا بنحو التطبيق ، فلا يجدي في الانحلال.
فان قلت : هذا إذا كان هناك تكليف واحد ، وأما إذا كان كل ترك من تروك شرب النجس بملاحظة قطعات الأزمنة مطلوبا مستقلا ، فهناك تكاليف متعددة بتعدد التروك ، وكل ترك في كل زمان سواء كان في طرف هذا الإناء أو في طرف ذلك الإناء الآخر مطلوب إلى حد الاضطرار ، فاحتمال مطلوبية ترك
__________________
(١) كذا في الأصل ، لكن الصحيح : التنجيز.