التكليف المتوسط المصطلح عليه عند بعضهم (١) تبعا للشيخ الأعظم ( قده ) ، بداهة أنه مأذون في الارتكاب ، سواء ارتكب أم لا.
فان قلت : هذا إذا كان الاضطرار سابقا على العلم الاجمالي ، وأما مع منجزية العلم الاجمالي ولحوق الاضطرار فلا ، وذلك لاحتمال بقاء التكليف المنجز بالنسبة إلى ما يرتكبه ، فيجب مراعاته عقلا.
قلت : مجرد عروض الاضطرار يوجب حكم العقل بعدم العقاب على ارتكاب أي واحد كان ، ولا يدور حكم العقل مدار الارتكاب.
فمن الأول لا يحتمل بقاء التكليف الفعلي المنجز ، لتقومه باستحقاق العقاب على مخالفته عند مصادفته ، وحيث لا عقاب عليه وإن صادفه ، فلا يحتمل بقاء التكليف من الأول ، سواء ارتكب أحدهما أم لا.
ولذا ذكرنا سابقا أن ايجاب الموافقة القطعية لازم حرمة المخالفة القطعية ، وأن الاذن في ترك الموافقة القطعية يستلزم الاذن في المخالفة القطعية.
ومما ذكرنا تبين أنه لا وجه للالتزام بالتوسط في التكليف ، بحيث يكون باقيا على تقدير ارتكاب غير الحرام وساقطا على تقدير ارتكاب الحرام ، فان لزوم الالتزام به فيما إذا قام الدليل على ارتفاع الحرمة بارتكاب متعلقها ، فحينئذ يعلم منه بانضمامه إلى دليل الحرمة اختصاصها بمن لم يرتكب متعلقها.
مع انه ليس كذلك ، بل الترخيص شرعا أو عقلا يدور مدار الاضطرار المشفوع بالجهل بالحرام تطبيقا ، فمن أول الأمر يجوز له ارتكاب أي واحد كان ، سواء ارتكب أم لم يرتكب ، ونفس جواز الارتكاب وإن صادف الواقع مناف عقلا لفعلية الحرمة واستحقاق العقاب على المخالفة عند المصادفة ، فتدبر جيدا.
__________________
(١) هو المحقق النائيني قده. أجود التقريرات ٢ / ١ ـ ٢٧٠.