فلا علم بتكليف فعلي ، حتى يقال : بأن سقوط لزوم الموافقة القطعية لا يقتضي سقوط حرمة المخالفة القطعية.

إلا أن هذا البيان إنما يجدي فيما إذا كان الترخيص شرعيا ، لا فيما إذا كان عقليا أيضا ؛ إذ الترخيص العقلي ليس من مقولة الحكم الفعلي حتى يضاد الحرمة التعيينية الفعلية.

بل معناه حكم العقل بمعذورية المضطر في ارتكاب ما اضطر إليه إذا صادف الحرام الواقعي ، فلا بد من ملاحظة منافاة هذه المعذورية العقلية مع الحرمة الفعلية من حيث الأثر.

وأي منافاة بين المعذورية في ترك الموافقة القطعية ، وعدم المعذورية في المخالفة القطعية.

هذا مضافا إلى أنه لو كان هناك تكليف شرعي بحفظ النفس عن الهلاك مثلا ، فهو تكليف تعييني لا ينافي بنفسه لحرمة شرب النجس تعيينا ، إذ المفروض عدم الاضطرار إلى شرب النجس بما هو ، بل العقل لمكان عدم تميز الحرام عن الحلال يعذره في تطبيق الحفظ الواجب على كل من الفعلين.

فليس هناك ايضا إلا المعذورية العقلية ، وقد مرّ عدم منافاتها للحرمة الواقعية من حيث أثرها.

ثانيهما : ما مرّ منا مرارا (١) : من أن المعذورية في ارتكاب أحدهما ، ورفع عقاب الواقع عند المصادفة ينافي بقاء عقاب الواقع على حاله حتى يحرم المخالفة القطعية ، فان ضم غير الواقع إلى الواقع لا يحدث عقابا على الواقع ، والمانع من تنجز التكليف هو الاضطرار ، لا اختيار ما يرتكبه في مقام الاضطرار حتى يعقل

__________________

(١) منها ما تقدم في التعليقة ٧٢ ومنها ما تقدم في مبحث حجية القطع. نهاية الدراية ٣ : التعليقة ٤٤.

۴۶۴۱