وأما الاستصحاب ، فمقتضى الأخبار المذيلة بقوله (ع) : ( ولكنه ينقضه بيقين آخر ) (١) ونحوه وقوع المعارضة والمناقضة بين الصدر والذيل ، بلحاظ إطلاق الشك في الصدر واطلاق اليقين في الذيل.

وقد قدمنا في بعض مباحث دليل الانسداد (٢) وسيجيء ـ إن شاء الله تعالى ـ في آخر (٣) مبحث الاستصحاب ارتفاع المناقضة ، سواء قلنا : بأن الذيل مؤكد للصدر ، فهو تابع سعة وضيقا للصدر ، أو قلنا : بأنه محدد له ، فيكون الصدر تابعا للذيل في السعة والضيق.

وقد برهنا في المقامين بعدم معقولية التحديد ، وعدم قابلية اليقين الإجمالي لاعتبار الناقضية لليقين التفصيلي بجميع وجوهه المتصورة.

كما أنه قد بينا في محله (٤) : أن استفادة تمحّض الشك في غير المقرون باليقين الاجمالي ـ من وقوع قوله (ع) : ( ولكنه ينقضه بيقين آخر ) موقع الارشاد الى حكم العقل ، بالجري على وفق اليقين الذي لا فرق فيه بين التفصيلي والاجمالي ـ مخدوشة ، فان الارشاد بلسان ( تنقضه بيقين آخر ) غير الارشاد الى الجري على وفق اليقين ، فراجع.

وعن بعض أجلة العصر (٥) الجمع بينه وبين حكم العقل ، بحيث ينتج جواز الاذن في ترك الموافقة القطعية فقط.

وتقريبه على ما أفاده أن إطلاق الاذن في ارتكاب كل منهما لحال ارتكاب الآخر وعدمه يقيد عقلا بحال عدم الآخر ، فلا يفيد حينئذ إلا جواز ارتكاب كل

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٨.

(٢) نهاية الدراية : ٣ ، التعليقة : ١٣٢.

(٣) نهاية الدراية : ٥ ، التعليقة : ١٢٣.

(٤) نهاية الدراية : ٥ ، التعليقة : ١٢٣.

(٥) هو المحقق الحائري قده : درر الفوائد / ٤٥٩.

۴۶۴۱