ومنه تعرف أن الاذن في ترك الموافقة القطعية لا يفيد اشتمال غير الواقع على مصلحة بدلية ، إلاّ إذا رجع إلى الأمر باتيان الفرد الآخر.

وإلاّ فمجرد الترخيص يكشف عن مغلوبية المصلحة الداعية إلى الايجاب الواقعي ، فيزول العلم الاجمالي بالوجوب الفعلي.

ثم إنه بعد ما عرفت حال الترخيص في أطراف العلم الاجمالي في مقام الثبوت ، فهل الدليل في مقام الاثبات واف في نفسه بالترخيص في تمام الأطراف ، أو في بعضها ، ولو بنحو الجمع بينه وبين حكم العقل بقبح الاذن في المخالفة القطعية ، أم لا؟

فنقول : قوله (ع) : ( كل شيء يكون فيه حلال وحرام ، فهو لك حلال أبدا حتى تعرف أنه حرام ) وشبهه مغيّا بالعلم (١).

وكذلك قوله (ع) : ( كل شيء لك حلال حتى تعرف أنه حرام ) (٢) وليس المغيّى معنونا بعنوان المشكوك والمشتبه ؛ ليقال : بأن الشك والاشتباه أعم من المجامع للعلم الاجمالي وغيره ، حتى يتوهم التعارض بين الغاية والمغيّى ، بل غاية ما يستفاد من الغاية كون المغيّى ما لم يعلم حكمه.

وحيث إن العلم أعم ، فكذا ما لم يعلم ، فلا يقتضي مقام الاثبات جريان قاعدة الحل في تمام الاطراف.

وأوضح منه قوله (ع) : ( رفع ما لا يعلمون ) (٣).

وقوله (ع) : ( الناس في سعة ما لا يعلمون ) (٤) واشباه ذلك.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٧ / ٢٢٦ ، الكافي : ٦ / ٣٣٩ ، لكن مع فرق يسير في بعض الفاظ الحديث بين ما في الكتابين وبين ما في المتن.

(٢) تهذيب الأحكام : ٧ / ٢٢٦.

(٣) الخصال : ٤١٧.

(٤) عوالي اللآلي : ١ / ٤٢٤ ، لكن فيه ما لم يعلموا وهو المصدر للحديث.

۴۶۴۱