أن جعل العقاب على مخالفة التكليف الواصل واقعا ، ورفع عقاب الواقع على تقدير المصادفة متنافيان ، لأن ضم الواقع إلى غير الواقع لا يحدث عقابا على مخالفة الواقع ، بل بقاء الواقع على فعليته المتقومة باستحقاق العقاب عقلا أو جعلا غير معقول.
فلا محالة إما لا فعلية ولا تنجز للواقع ، وإما لا ترخيص في كل منهما بدلا ، كما لا ترخيص في كليهما.
وأما حديث نصب الطريق أو جعل البدل ، ولو كان بعنوان القناعة بالامتثال الاحتمالي عن الامتثال القطعي ، فهو اجنبي عن انفكاك وجوب الموافقة القطعية عن حرمة المخالفة القطعية ، أولا يجدي في الانفكاك.
أما نصب الطريق ، فقد أوضحنا حاله في الجواب (١) عن الدليل العقلي للأخباريين ، وبيّنا هناك أن الحجية إما بمعنى جعل الحكم المماثل ، أو بمعنى تنجيز الواقع.
ومن البيّن امتناع اجتماع حكمين فعليين في مورد واحد ، وامتناع تنجز المنجز ، فلا علم إجمالي بحكم فعلي على أي تقدير ، أولا يؤثر على أي تقدير ، فينحل العلم حكما.
ووجوب ما قام عليه الطريق أو ما اقتضاه الأصل السليم عن المعارض ليس من ناحية رعاية العلم الاجمالي وبقاء أثره من حيث حرمة المخالفة القطعية ، بل من ناحية الحجة ، فراجع.
وأما جعل البدل : فتارة بمعنى اشتمال غير الواجب الواقعي في حال
__________________
(١) التعليقة : ٣٥ و ٣٧ وقد أجاب قده في الأولى بقوله : فالتحقيق في الجواب بناء على ارادة جعل الحكم المماثل الخ ، وفي الثانية بقوله : يمكن أن يقال إن ملاك الجواب بناء على هذا الشق هو أن المنجّز لا يتنجّز الخ.