احداها : ثبوته اقتضاء : لا بنحو ثبوت المقتضى بثبوت المقتضي بثبوت عرضي ، فانه شأن المقتضي بمعنى السبب الفاعلي ، حيث إن المعلول يترشح من مرتبة ذات العلة الفاعلية ، دون المقتضي بمعنى الغاية الداعية إلى ذيها ، فان ذا الغاية ليس في مرتبة ذات الغاية ، لا بوجودها الخارجي ولا بوجودها العلمي ، ولا بنحو ثبوت المقبول بثبوت القابل ، كالانسان في النطفة القابلة ؛ بداهة أن المصلحة الداعية ليست في صراط المادية ، ولا يتصور بصورة الحكمية.
بل المراد ثبوت الحكم شأنا ، حيث إن طبيعي الفعل مستعد باستعداد ماهوي لا باستعداد مادي ؛ لأن يترتب عليه المصلحة إذا وجد في الخارج ، وهي صالحة للتأثير في الانشاء بداعي البعث والتحريك في مرتبة ذاتها وما هويتها ، فالوجوب بهذه الملاحظة له شأنية الوجود.
ومنه يعلم أنه ليس هنا ثبوت خارجي عرضي ، كما في المقتضى والمقبول ، بل ثبوت ماهوي وثبوت تقديري شأني.
ثانيتها : ثبوته إنشاء ، وهو وجود طبيعي البعث المفهومي بتبع اللفظ الذي ينشأ به ، فاللفظ موجود بالذات ، والبعث النسبي المفهومي بالعرض ، كما حققناه في مباحث الألفاظ (١).
ثالثتها : ثبوته فعلا وحقيقة ، وهو ما بالحمل الشائع بعث أو زجر عند العقلاء ، بحيث يكون قابلا للباعثية والزاجرية فعلا.
رابعتها : ثبوته بحيث يستحق على مخالفته العقوبة ، وهي مرتبة تنجزه ، وهذا شأن من شئونه ونشأة من نشئات تحققه ، كما فصلناه في أوائل مباحث القطع (٢).
__________________
(١) نهاية الدراية : ١ ، التعليقة : ١٥٠.
(٢) نهاية الدراية : ٣ ، التعليقة : ٨.