غاية الامر أنه لم يجعل الحكم المماثل على طبق مؤدى كل أمارة ، ولم يجعل الواقع منجزا بأية أمارة كانت ، بل على طبق ما له احتمال الاصابة شخصا ، وغلبة الاصابة نوعا.
ودخل هذه الخصوصية في الجعل المزبور عن المقتضي الواقعي أمر ، وكونه مقتضيا للجعل المزبور أمر آخر ، ومجرد وجود الشرط مع عدم المقتضي لا يفيد شيئا ، ولا يكون التخيير على القاعدة كالمتزاحمين. فتدبر جيدا.
٦٢ ـ قوله (قدّس سره) : ولا مجال هاهنا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان (١) ... الخ.
ليس الغرض فقد التمكن المعتبر في تعلق التكليف ، فانه حاصل قطعا ، بل الغرض فقد التمكن من الامتثال من حيث الموافقة القطعية وترك المخالفة القطعية ، وهو معتبر في موضوع حكم العقل باستحقاق العقاب على المخالفة القطعية وترك الموافقة القطعية ، وهو أثر تنجز التكليف.
فلا نقص في منجزية العلم من حيث نفسه ، بل من حيث اعتبار التمكن من الامتثال في تنجز التكليف واستحقاق العقاب.
فكما أن فعلية التكليف منوطة بأمرين :
احدهما : وصوله ، والآخر : القدرة على متعلقه ، ولا ربط لاحدهما بالآخر.
كذلك تنجز التكليف ، واستحقاق العقاب على مخالفته القطعية ، وترك موافقته القطعية منوط بأمرين :
أحدهما : الوصول الأعم من التفصيلي والاجمالي ، والآخر : التمكن من الموافقة القطعية ، وترك المخالفة القطعية ، ولا ربط لأحدهما بالآخر. فلا وجه لاحتساب التمكن المزبور من بيانية العلم.
وأما أن العلم لا يصلح للبيانية بتوهم تعلقه بجنس التكليف ، ففيه :
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣٥٦.