أنه إذا علم بوجوب فعل في اليوم أو حرمته في غد لا علم له إلاّ بجنس التكليف ، ومع ذلك يؤثر للتّمكن من الامتثال.
كما أنّه إذا علم بوجوب الجلوس في مكان في اليوم ، والجلوس في مكان آخر في اليوم لا يؤثر في التنجز ، مع أنه متعلق بنوع التكليف ، لعدم التمكن من الامتثال.
فيعلم أن العلم مطلقا قابل للتأثير ، وإنما المانع عدم التمكن من الامتثال المعتبر عقلا في استحقاق العقاب على تركه.
ومما ذكرنا يظهر الاشكال في أدلة البراءة الشرعية ، لأن ظاهرها كونها في مقام معذرية الجهل وارتفاعها بالعلم ، فما كان تنجزه وعدمه من ناحية العلم والجهل كان مشمولا للغاية والمغيّى ، وما كان من ناحية التمكن من الامتثال وعدمه فلا ربط له بأدلة البراءة.
ومنه تبين أن الغاية في كل شيء لك حلال ، وإن كانت عقلية لا يجدي لشمول المغيّى لما نحن فيه ، إذ ليست المعذورية هنا لأجل عدم حصول الغاية.
وهذا ما وعدناك به سابقا (١) ، فتدبره فانه حقيق به.
٦٣ ـ قوله (قدس سره) : لعدم التمكن من الموافقة القطعية كمخالفتها (٢) ... الخ.
ظاهره عدم تنجز التكليف من حيث ترك المخالفة القطعية مطلقا سواء كانت في واقعة أو في واقعتين ، مع أنه بالاضافة إلى الواقعتين يتمكن من المخالفة القطعية العملية التدريجية.
فانه إذا فعل في واقعة ، وترك في واقعة أخرى يقطع بمخالفة التكليف ، فانه إذا كان حراما فقد فعله ، وإن كان واجبا فقد تركه.
__________________
(١) التعليقة : ٥٨.
(٢) كفاية الأصول : ٣٥٦.