وإما لأن الخبرين لا خصوصية لهما إلا إحداث احتمال الحكمين واقعا ، وهو موجود فيما نحن فيه ؛ إذ لا شأن للخبرين بناء على الطريقية المحضة إلا إحداث الاحتمال.
والجواب : أن الحجية : إما بمعنى لزوم الالتزام بمؤدى الخبر مقدمة للعمل ، لا تطبيق العمل على مقتضى الخبر كما يظهر من بعض كلمات الشيخ الأجل (قدّس سره) (١).
وإما بمعنى جعل الحكم المماثل لمؤدى الخبر بعنوان ينطبق على ذات الواجب مثلا كعنوان تصديق العادل عملا.
وإما بمعنى تنجيز الواقع بالخبر. وعلى أي حال فالقياس مع الفارق.
أما الحجية بالمعنى الأول ، فايجاب الالتزام بمؤدى الخبر منبعث عن مصلحة في نفس الالتزام إذا كان ايجاب الالتزام حقيقيا لا كنائيا. فهناك مصلحتان مقتضيتان لايجابين متعلقين بالالتزام.
وحيث لا قدرة على امتثال هذين الواجبين المنبعثين عن مقتضيين ، فلا محالة يحكم العقل بالتخيير بينهما كسائر الواجبات المتزاحمة.
وليس فيما نحن فيه إلا مصلحة مقتضية للوجوب الواقعي ، أو مفسدة مقتضية للتحريم الواقعي ، ولا موجب إلا لالتزام واحد بالمقدار الواصل ، وهو طبيعي الالزام.
نعم أصل الحجية بهذا المعنى محل الاشكال ، إذ الالتزام بمؤدى الخبر ـ من حيث إنه مؤداه ـ لا معنى للزومه ، حيث إنه ليس من الأحكام حتى يجب الالتزام به.
والالتزام الجدي بالحكم الواقعي الغير الواصل حقيقة ولا تعبدا غير
__________________
(١) فرائد الأصول المحشى : ١ / ٤٨.