وثانيتهما ـ هل وجوب الموافقة الالتزامية وحرمة مخالفتها ـ ولو بدليل من الخارج ـ يمنع عن إجراء الاباحة والبراءة شرعا أو لا؟ وهذه الجهة تناسب مباحث الشك ومجاري الأصل.

وقد قدمنا الكلام فيها أيضا بتبع تعرض شيخنا العلامة ـ رفع الله مقامه ـ لها هناك (١). وبينا هناك (٢) أن الأمر دائر بين ما يستحيل لزومه وما لا يمنع لزومه عن إجراء الاباحة والبراءة. فراجع.

وحيث عرفت أن الغرض هنا ليس مجرد لزوم الموافقة الالتزامية كما هو المناسب لمبحث القطع ، حتى يقال : بعدم اللزوم كلية ، أو أن الالتزام بالواقع إجمالا ممكن ، بل الغرض عدم مانعية الالتزام اللازم ، حيث لا منافاة بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري ، فلا مانع من الالتزام بهما معا.

لا يقال : هذا إذا تعلق الالتزام بنفس الواقع الذي هو إما الوجوب أو الحرمة ، وكل منهما حيث إنه مجهول فلا يكون فعليا ، حتى يكون الالزام بحكمين فعليين ، حتى يقال : بانه غير معقول كعدم معقولية نفس اجتماع الفعليين.

واما اذا كان الالتزام بالمردد محالا ، لعدم تعين الطرف المقوم للالتزام الجدي الجزئي ، وإلاّ لزم إما تردد المعين أو تعين المردد ، وكلاهما خلف ، فلا محالة يجب الالتزام بنفس طبيعي الالزام.

وحيث إنه معلوم تفصيلا فيكون فعليا فيمنع عن الاباحة الفعلية ، كما أن الالتزام به لا يجتمع مع الالتزام بما ينافيه.

لأنا نقول : لا فعلية لطبيعي الإلزام إلا بفعلية نوعه ، فاذا لم يكن نوعه فعليا لم يكن الجنس فعليا ، فلا ينافي الاباحة الفعلية ، فلا يكون الالتزامان

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢٦٨.

(٢) التعليقة : ٣٥ و ٣٦ و ٣٧.

۴۶۴۱