وأما فرض كون المفسدة القائمة بالجميع متعددة متمانعة كما فرضناها ، فيسقط الطلب بفعل البعض كلية ، فلا يوجب وحدة الحكم حقيقة.
بل هذا فرض معقول حتى فيما إذا اعتبر كل ترك موضوعا مستقلا ، فانه لا يبقى مجال لامتثال سائر أفراد الطلب ، فلا يختص هذا الحكم بصورة لحاظ الوحدة في الموضوع والحكم.
ثم اعلم أن ملاك جريان البراءة عقلا عنده (قدّس سره) بحسب الظاهر من تقسيمه (قدّس سره) تعدد الحكم ، وملاك عدمه وحدته.
ففي صورة التعدد لا يكون تنجز الحكم ، لمكان إحراز موضوعه موجبا لتنجز حكم آخر ليس له هذا الشأن.
بخلاف صورة الوحدة فان الحكم الواحد ـ بعد تنجزه في الجملة ـ يجب الفراغ عن عهدته ؛ لأن الواحد لا يتبعض من حيث التنجز وعدمه.
وأنت خبير بأن الحجة على الكبرى : إن كانت حجة على الصغرى ، فلا فرق بين كبرى طلب الترك المطلق وكبرى طلب كل ترك.
وان لم تكن حجة على الصغرى ، فلا فرق بين الشك في انطباق مدخول أداة العموم على المائع المردد ، والشك في انطباق طبيعي الترك المطلق على ما يسع هذا الفرد المردد ، وليس الشك في هذا الفرد شكا في محصل الترك المطلق ، بل هذا الفرد المردد على تقدير كونه خمرا مثلا يكون ترك شربه مقوم طبيعي ترك شرب الخمر بحده لا محصلا له.
فشرب (١) هذا المائع بالاضافة إلى طبيعي الترك ، وإن لم يكن كالفرد بالاضافة إلى الكلي ، بل مطابق طبيعي الترك بحدّه واحد ، وهو ما بالحمل الشائع ترك شرب الخمر بنهج الوحدة في الكثرة.
إلا أن المطلوب بالحمل الشائع بنحو فناء العنوان في المعنون هو الترك
__________________
(١) كذا في الاصل ، لكن الصحيح : فترك شرب هذا المائع ، لأن الكلام في ترك الشرب لا في نفسه.