الجامع بين التروك الخارجية بنهج الوحدة في الكثرة ، وكون ترك شرب هذا المائع من جملة تلك الكثرات ـ التي يكون جامعها بالحمل الشائع متعلقا للطلب ـ مشكوك.
فما بالحمل الشائع مطلوب يشك في سعته لهذا المائع المردد ، والحجة على الكبرى ليست حجة على الصغرى ، إلا بمقدار يعلم بسعة المطلوب بالحمل الشائع له.
وأما ما أفيد (١) من استصحاب الترك المطلق إذا كان مسبوقا به.
فهو غير مفيد ، لأن الغرض الفراغ عن عهدة التكليف المنجز ببقاء الترك المطلق على حاله ، وعدم انقلابه باتيان الفرد المشكوك ، ومثل هذا الأثر العقلي غير مترتب على بقاء طبيعي الترك بحدّه على حاله.
وليس المستصحب أمرا جعليّا في نفسه كي يكون بالاضافة إلى الأثر العقلي كالمحقق لموضوعه ، والتعبد ببقاء الموضوع يجدي في التعبد ببقاء حكمه لا في الفراغ والاشتغال.
كما أن ما افيد أخيرا (٢) ؛ من أن أصالة البراءة وإن كان (٣) يقتضي جواز الاقتحام في المشكوك ، إلا أن قضية لزوم احراز الترك اللازم وجوب التحرز عنه ، ولا يكاد يحرز إلا بترك المشتبه أيضا.
لا يخلو عن محذور ، إذ لا شك في طلب هذا الفرد من الترك بالخصوص ليجري البراءة عنه ، وإنما الشك في سعة الترك المطلوب لمثل هذا الترك فعلا.
فلو فرض جريان البراءة فيه ، لم يكن الحكم الفعلي المنجز إلا ما لا يسع هذا المشكوك ، فإما لا براءة ، وإما لا اشتغال. فتدبر جيدا.
والتحقيق : أن حقيقة البعث مثلا هو الانشاء بداعي جعل الداعي ، ولا
__________________
(١) في الكفاية / ٣٥٣.
(٢) في الكفاية / ٣٣٤.
(٣) مقتضى القاعدة تأنيث الفعلين لأن مرجع الضمير هي أصالة البراءة.