عن مصلحة في نفس الترك.
فان كان عن مفسدة في الفعل فنفس المفسدة وان كانت أيضا على قسمين :
فتارة : لا يكون تمانع بين وجوداتها ، وأخرى ـ يكون بينها التمانع ، كما إذا كان كل فعل من طبيعي واحد تأثيره العمى وشبه ذلك ـ إلا أن الغرض حيث إنه لم يتعلق بفعل المفسدة بل بتركها ، فلا محالة تكون المفسدة بجميع أشخاصها مطلوب الترك مطلقا شموليا ، وإن كان لا يبقى مجال للامتثال بعد عصيان أحد أفراد الطلب ، لزوال الموضوع حينئذ.
وإن كان طلب الترك منبعثا عن مصلحة في نفس طبيعي الترك ، فالمصلحة حيث إنها وجودية تطلب نفسها فيمكن أن تفرض تارة متمانعة ، وأخرى غير متمانعة ، فيكون طلب الترك تارة بنحو العموم الشمولي ، وأخرى بنحو العموم البدلي. فتدبره فانه حقيق به.
ثم إنك بعد ما عرفت الوجوه المتصورة والاعتبارات الواردة على متعلق الأمر والنهي تعرف أن ما أفاده شيخنا العلامة ـ « رفع الله مقامه » في أول الوجهين هنا من تعلق الطلب بترك شيء في زمان أو مكان ، بحيث لو وجد في ذلك الزمان أو المكان ولو دفعة لما امتثل أصلا الى آخر ما افاد ـ ينبغي أن يحمل على ما إذا انبعث طلب الترك عن مصلحة واحدة في طبيعي الترك بحده ، أو في مجموع التروك.
وأما إذا كان منبعثا عن مفسدة في مجموع الأفعال ، أو في طبيعي الفعل بحده ، فلا محالة يكون المطلوب ترك المجموع ، فلا يسقط الطلب بفعل بعض المجموع عصيانا.
وأوضح من ذلك ما إذا كان المفسدة متعددة قائمة بالجميع ، فان الطلب متعدد حقيقة ولبّا ، وإن كان بحسب الاعتبار واحدا سنخا ونوعا.