استحباب العمل على أي حال.
بل جعل للثواب بعنوان تقرير الثواب البالغ ، وترغيب في إتيانه بداعي الثواب البالغ عنوانا ، تحقيقا لدعوة هذا الثواب المجعول ، كما في جعل الحكم المماثل ، بعنوان تصديق العادل فيما أخبره من الوجوب الواقعي ، فكما أنه في مقام جعل الوجوب الواقعي باعثا عنوانا ، وجعل الوجوب المماثل داعيا حقيقة ، فكذلك هنا والله اعلم.
ثم إنه يتفرع على ما مرّ من النزاع في أن الأخبار إرشاد إلى الانقياد ورجحانه عقلا أو جعل للثواب والاستحباب أمور :
منها : أن الآثار الوضعية المترتبة على المطلوبات الشرعية يترتب على فعل ما بلغ فيه الثواب على الثاني دون الأول ، وإلا لزم الخلف وهذه الكلية من القضايا التي قياساتها معها.
وإنما الكلام في تطبيقها على ما ذكره (١) شيخنا العلامة الأنصاري (قدّس سره) من عدم ارتفاع الحدث بالوضوء الذي فيه الثواب بخبر ضعيف ، بناء على الارشاد إلى رجحان الانقياد ، وارتفاعه به بناء على الاستحباب.
والاشكال في التطبيق من وجهين :
أحدهما : أنه لا دليل على أن كل وضوء مطلوب شرعا رافع للحدث ، حتى يمتاز عما وقع انقيادا ، فان وضوء الحائض في أوقات الصلاة ووضوء الجنب عند النوم مثلا مستحب شرعا ، ومع ذلك غير رافع للحدث.
ثانيهما : أن مناط عبادية الوضوء وقربيته ـ الدخيلة في تأثيره في الطهارة ـ ليس وجوبه لغاية واجبة ، أو استحبابه لغاية مستحبة ، حتى يدور الأمر بين كونه مستحبا شرعيّا ببلوغ الثواب أولا.
__________________
(١) فرائد الأصول المحشى ٢ / ٥٦.