وأما الثاني ، فلان اتحاد الفعليين محال ، وكل فعلية تأبى عن فعلية أخرى ، ولذا لا مناص من الخلع واللبس في توارد الصور على المادة.
فمقوم الشوق النفساني لا يمكن أن يكون له فعلية أخرى في النفس بل هو ذات المتصور.
فماهية واحدة ، تارة ـ توجد بوجود علمي تصوري وتصديقي وأخرى .. بوجود شوقي.
بل إن كانت هذه الصفات من العلم والارادة إشراقات النفس ، ووجودات نورية فلا محالة لا يعقل عروض سنخ من الوجود على الموجود بذلك السنخ من الوجود أو بسنخ آخر ، فان المماثل لا يقبل المماثل ، كما أن المقابل لا يقبل المقابل.
هذا كله إن أريد من الحكم الارادة والكراهة.
وإن أريد منه البعث والزجر الاعتباريان المنتزعان من الانشاء بداعي جعل الداعي فعلا أو تركا ، فمن الواضح عند التأمل أيضا أن البعث الاعتباري بنحو وجوده لا يوجد مطلقا ، فان البعث أيضا أمر تعلقي ، فلا محالة لا يوجد إلا متعلقا بالمبعوث اليه.
وحيث إن سنخ البعث اعتباري ، فلا يعقل أن يكون مقومه ومشخصه إلا ما يكون موجودا بوجوده في أفق الاعتبار ، والموجود الخارجي المتأصل لا يعقل أن يكون مشخصا للاعتباري ، وإلا لزم إما اعتبارية المتأصل أو تأصل الاعتباري. فتعين أن تكون الماهية والمعنى متعلق البعث دون الموجود بما هو.
غاية الأمر أن المعنى المشتاق إليه والمبعوث إليه مأخوذ بنحو فناء العنوان في المعنون ، لترتب الغرض الداعي على المعنون ، وفناء العنوان في المعنون لا يوجب انقلاب المحال وإمكان المستحيل ، كما بيناه مبسوطا في مسألة اجتماع