فالماهية الشخصية ، وإن انحلت بالتحليل العقلي إلى طبيعة نوعية والتشخص الماهوي كماهية ( زيد ) وماهية ( عمرو ) بالاضافة إلى ماهية الانسان ، إلاّ أنّ ثبوت الطبيعي بثبوت حصته المتقررة في مرتبة ذات ( زيد ).
وكالوجود مطلقا بالاضافة إلى الماهية ، فانه من قبيل عارض الماهية ، وإلاّ لاحتاج عروض الوجود عليها إلى وجود الماهية فإما أن يدور ، أو يتسلسل.
فعروض الوجود عليها تحليلي ، وثبوت الماهية بنفس الوجود ، فالوجود بنفسه موجود بالذات ، والماهية بالعرض.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أن الحكم بالاضافة إلى موضوعه دائما من قبيل عوارض الماهية لا من قبيل عوارض الوجود.
إذ المراد بالحكم إما الارادة والكراهة التشريعيتان ، وإما البعث والزجر الاعتباريان : فان أريد منه الارادة والكراهة فمن الواضح أن الشوق المطلق في النفس لا يعقل وجوده ، لأن طبعه تعلّقي فلا يوجد إلا متعلقا بشيء.
وذلك الشيء لا يعقل أن يكون بوجوده الخارجي متعلقا له ، ولا بوجوده الذهني :
أما الأول ، فلأن الحركات الأينية والوضعية وأشباههما من الأعراض الخارجية القائمة بالمكلف ، فكيف يعقل أن يتعلق بها الشوق القائم بنفس المولى؟
إذ يستحيل أن تكون الصفة النفسانية في النفس ، ومقومها ومشخصها في خارج النفس ، وإلا لزم إما خارجية الأمر النفساني أو نفسانية الأمر الخارجي ، وهو خلف.
كما يستحيل أن تكون الصفة قائمة بشخص ، ومشخصها ومقومها قائما بشخص آخر ، لان المشخّصيّة والمقوّميّة لازمهما وحدة المشخّص والمتشخّص ، فكيف يعقل تباينهما في الوجود بتباين محلهما وموضوعهما؟