وأما وجوده لنفسه فهو مناف للمقابلة مع الجوهر ، فان المفروض أنه موجود حلولي في الموضوع ، فكون العرض في الموضوع ، وكونه لموضوعه بمعنى واحد ، فكونه في نفسه مع كونه لنفسه غير متلائمين ؛ إذ ليس معنى نفسيته إلاّ أن الوجود مضاف إلى ماهية هو كونها ، في قبال ثبوت شيء لشيء.
وبالجملة : الناعتية والرابطية لهذا الوجود باعتبار أن سنخ وجوده حلولي في الموضوع.
والعدم لا شيء ، حتى يكون له حلول في شيء ، كي يصح توصيفه حقيقة بالناعتية والرابطية ، وتوصيف عدم البياض بالناعتية من باب التشبيه للعدم بالوجود ، كما يقال : عدم العلة علة لعدم المعلول ، مع أنه لا تأثير ولا تأثر في الأعدام.
فماهية البياض حيث إنها ماهية إذا وجدت خارجا وجدت في الموضوع صح أن يقال : إن عدمه عدم أمر ناعتي ، كما أن الجوهرية والعرضية للماهيّات بلحاظ أنها إذا وجدت خارجا وجدت في الموضوع أولا في الموضوع.
ثانيهما ـ في مقابل الوجود المحمولي ، وهو الوجود لا في نفسه ، في قبال الوجود المضاف إلى ما يصح حمله عليه ، وهو مفاد ثبوت شيء لشيء ، فانه ثبوت متوسط ، شأنه محض الربط ، ولذا اصطلح المتأخرون من المحققين على تسميته بالوجود الرابط ، ليمتاز عن الوجود الرابطي المتقدم ذكره. ومورد الوجود الرابط خصوص مفاد الهليّة المركبة الايجابية دون الهليّة البسيطة ، والسالبة المركبة.
إذ في الهلية البسيطة إما يكون القضية ثبوت الشيء ، أو عدمه ، حيث لا ثبوت للثبوت ، ولا ثبوت للعدم ولا عدم للثبوت ، إذ المماثل لا يقبل المماثل ، والمقابل لا يقبل المقابل ، فمفاد قولنا : زيد موجود ، وزيد معدوم ، وزيد ليس بموجود ، ليس إلا الحكاية عن الوجود في الأول ، وعن العدم في الاخيرين.