وإن كانا متقابلين بتقابل السلب والايجاب بمعنى أن عدم التذكية وإن كان عدم (١) ما شأنه أن يكون مذكى وهو ما زهق روحه.
لكنه لم يؤخذ العدم هكذا موضوعا للحكم ، بل أخذ ما يصدق حال الحياة ، وهو ما ليس بمذكى.
وذلك كما أن عدم البصر ، تارة ـ يؤخذ بنحو عدم ما من شأنه أن يكون بصيرا فيساوق العمى ، فلا يصدق إلا على الحيوان. وأخرى ـ يؤخذ بنحو السلب المقابل للايجاب ، فيقال : الجدار ليس ببصير ، كما أنه ليس بأعمى.
فاذا سلب المذكى عن الحيوان في حال حياته ، فقد صدق السلب المقابل للايجاب وإن لم يصدق العدم المضاف إلى ما من شأنه أن يكون مذكى.
فاذا أخذ العدم بنحو السلب المقابل للايجاب ، فتارة ـ يؤخذ بنحو العدم المحمولي. وأخرى ـ بنحو عدم الرابط.
فالأول على أنحاء : إمّا بنحو عدم العنوان ، ولو بعدم معنونه ، أو بنحو عدم المبدأ ، ولو بعدم موضوعه ، أو بنحو عدم الاضافة والانتساب ، ولو بعدم طرفيهما ، فيكون حينئذ موضوع الحكم مركبا من أمر وجودي ، وهو زهاق الروح ، وأمر عدمي كعدم العنوان أو عدم المبدأ أو عدم الانتساب.
فيصح إحراز العدم على أحد الوجوه الثلاثة بالأصل ، ومع إحراز زهاق الروح وجدانا يحكم بالحرمة والنجاسة.
والثاني ـ بأن يكون الموضوع ما إذا لم يكن ما زهق روحه مذكى.
والفرق بينه وبين العدم والملكة ، أن الموضوع هناك ما كان غير مذكى
__________________
(١) في العبارة مسامحة لأن عدم التذكية ليس عدم ما زهق روحه بل هو العدم فيه باعتبار كونه قابلا للتذكية فكان ينبغي أن يقال وإن كان هو العدم فيما شانه أن يكون مذكى وكذلك قوله قده كما أن عدم البصر تارة يؤخذ بنحو عدم ما من شأنه أن يكون بصيرا فان عدم البصر ليس عدم ما يكون قابلا للبصر بل هو العدم الملحوظ فيما من شأنه أن يكون بصيرا وواجدا للملكة.