جهة المبدأ ، فتضاد الحرمة والوجوب لأجل انبعاث الحرمة عن الكراهة والوجوب عن الإرادة وهما متضادان. ومن الواضح ان هذا المحذور لا يرتفع بالترتب كما أشرنا إليه سابقا ، فان الترتب انما يرفع محذور التزاحم لا غير.

وعليه ، فالالتزام بالترتب هنا يلزمه الالتزام بجواز اجتماع الحكمين في زمان واحد في مورد واحد ، وهو ممتنع لكونه من اجتماع الضدين.

ونتيجة ما ذكرناه هو : انه بناء على الالتزام بوجوب المقدمة يقع التعارض بين دليل حرمة المقدمة ودليل وجوب ذي المقدمة ، لأنه يقتضي وجوب المقدمة ، فيقع التكاذب بينهما ، لاقتضاء أحدهما ضد ما يقتضي الآخر ، وبناء على عدم الالتزام بوجوب المقدمة يكون المورد من موارد تزاحم حرمة المقدمة ووجوب ذي المقدمة لعدم إمكان الجمع بينهما في مقام الامتثال ، ولا مانع من الالتزام بالترتب حينئذ بتعليق حرمة المقدمة على عصيان وجوب ذيها. وإلى هذا المعنى أشرنا في أول مبحث مقدمة الواجب في بيان ثمرة البحث فراجع.

التنبيه الثامن : في إجراء الترتب بين التدريجيين.

لا يخفى ان الواجبين المتزاحمين ..

تارة : يكونان آنيين كانقاذي الغريقين ، فلا يكون عصيان أحدهما إلا آنيا ، إذ بمجرده يسقط الأمر لفوات موضوعه.

وأخرى : يكون أحدهما تدريجيا والآخر آنيا كإنقاذ الغريق والصلاة.

وثالثة : يكون كل منهما تدريجيا ، لكن عصيان كل منهما يتحقق بمجرد ترك جزء منه ، فلا يكون عصيانه إلا آنيا ، نظير الصوم الّذي يتحقق تركه بمجرد تركه في جزء من النهار فيسقط الأمر بذلك ، ونظير صلاة الآيات مع صلاة الوقت المضيقة.

ورابعة : يكون كل منهما تدريجيا ، وكان عصيان أحدهما وهو الأهم تدريجيا أيضا ، بمعنى ان الأمر به لا يسقط بمجرد العصيان ، بل يجب آناً فآنا فيستمر

۵۲۶۱