اجتماع المقتضيين المتنافيين في شيء واحد ، لأن الأمر بأحدهما يقتضي وجوده والأمر بالآخر يقتضي عدمه ، وان هذا المحذور يرتفع بالترتب.
اما إذا كان المقصود كون المحذور هو التنافي في مقام المحركية الفعلية ، وانه يرتفع بالترتب ، لأن تعليق أحدهما على عصيان الآخر يرفع إمكان وصول الأمر معا إلى مرحلة الفعلية في التأثير فلا يقع التزاحم ـ ان كان المقصود ذلك ـ ، فهذا راجع إلى ما تقدم وليس وجها مستقلا في قبال ما تقدم.
وبالجملة : هذا البيان ما لم يرجع إلى ما قربناه لا يخلو عن مناقشة.
وعليه ، فالوجه الصحيح الّذي يقال في تصحيح الترتب ما عرفته ، وحاصله : ان تعليق الأمر بأحدهما على عدم فعلية تأثير الآخر ، أو عدم متعلق الآخر ، يستحيل معه فرض تنافي الأمرين في مقام المحركية الفعلية وهو محذور طلب الضدين.
وجوه الإشكال على الترتب
وفي قبال هذه الوجوه المذكورة في تصحيح الترتب وجوه أخرى ذكرت لبيان استحالة الترتب وهي :
أولا : انه من المقرر امتناع اختلاف المتلازمين في الحكم ، بحيث يكون أحدهما محكوما بغير ما حكم به الآخر ، بل اما ان يكونا متوافقين في الحكم أو يكون الآخر غير محكوم بحكم أصلا. والالتزام بالترتب يتنافى مع هذه القاعدة المسلمة ، وذلك لأن ترك الأهم ملازم للفعل المهم. ومن الواضح ان ترك الأهم حرام ، لأنه نقيض الواجب ، ووجوب الشيء يستلزم حرمة نقيضه. فيلزم ان يكون أحد المتلازمين حراما والآخر واجبا. وهو خلاف القاعدة المقررة (١).
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٤٣ ـ الطبعة الأولى.