مبحث التزاحم من بيان ذلك ، فقد ذكر المحقق النائيني وجها لتقديم الواجب المضيق على الواجب الموسع عند تزاحمهما ، وهذا الوجه ينتهي إلى بيان عدم ثبوت التزاحم بينهما بالمرّة وسيجيء تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى.

وعليه ، فالوجه الّذي ذكره المحقق الكركي لا ينفع في تصحيح العبادة فيما نحن فيه أصلا ، لأن موضوعه خارج عن باب التزاحم.

ويقع الكلام بعد ذلك في الوجه الثاني والبحث فيه عن طريق إحراز الملاك وقد ذكر لذلك وجهان :

الأول : ما التزم به المحقق النائيني قدس‌سره ، وهو التمسك بإطلاق المادة. بتقريب : ان متعلق الأمر إذا كان مطلقا كشف ذلك عن ثبوت الملاك في مطلق الافراد لاعتبار وجود الملاك في متعلق الأمر.

وقد استشكل رحمه‌الله في ذلك من وجوه عديدة :

الأول : انه بناء على ما ذهب إليه من ان اشتراط القدرة في متعلق التكليف ، انما هو لأجل اقتضاء نفس الخطاب ذلك ، فنفس ورود الأمر يكون موجبا لتقييد متعلق الأمر بالقدرة فلا يكون مطلقا لوجود الدليل على التقييد.

الثاني : انه لو أنكر استلزام الأمر تقييد متعلقه بالقدرة ، فلا أقل من كونه صالحا للقرينية على التقييد ، ومع وجود ما يصلح للقرينية لا يصلح التمسك بإطلاق الكلام بل يكون الكلام مجملا من تلك الناحية.

الثالث : ان استكشاف عدم التقييد والإطلاق من عدم ورود القيد ، انما هو لأجل استلزام التقييد مع عدم بيانه نقض الغرض ، لإمكان ان يأتي العبد بغير واجد القيد من الافراد اعتمادا على الإطلاق فيستلزم نقض الغرض من الأمر ، إذ لا يتوصل بذلك إلى ما هو الغرض من الأمر.

وهذا المعنى غير تام فيما نحن فيه ، فان عدم التقييد بالقدرة لفظا مع تقيده واقعا بها لا يستلزم نقض الغرض ، إذ لا يمكن الإتيان بغير المقدور كما هو

۵۲۶۱