يبقى الكلام في أمرين :
أحدهما : البحث في الأصل للمسألة الّذي يرجع إليه مع الشك.
ثانيهما : البحث عن الدليل على وجوب المقدمة.
تأسيس الأصل في المسألة
اما البحث عن الأصل في المسألة فتحقيقه : ان موضوع الأصل تارة : يلحظ المسألة الأصولية أعني الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته.
وأخرى : يلحظ المسألة الفقهية أعني نفس وجوب المقدمة.
والأصل الّذي يمكن فرضه في المقام هو الاستصحاب.
وهو لا يجري في المسألة الأصولية ، وذلك لأن الملازمة بين الوجوبين ـ بأي معنى فسّرت من كونها أمرا واقعيا ، أو انتزاعيا ينتزع عن حصول أحد المتلازمين عند حصول الآخر ، أو كونها عبارة عن دوام حصول الجزاء عند حصول الشرط ـ ليست لها حالة سابقة لأنها أزلية ، فان كانت فهي أزلية الوجود وان لم تكن فهي أزلية العدم. وعليه فلا يقين في مرحلة الحدوث بأحد الطرفين كي يستصحب. ومن الواضح ان جريان الاستصحاب يتوقف على اليقين بالحدوث.
واما وجوب المقدمة ، فهو مسبوق بالعدم لعدم تحققه قبل وجوب ذي المقدمة ، فيستصحب عدمه بعد وجوب ذيها.
وقد استشكل في هذا الاستصحاب من وجوه :
الأول : ان وجوب المقدمة على تقدير ثبوته ليس مجعولا مستقلا ، بل هو من قبيل لوازم الماهية فلا تناله يد الجعل إثباتا ونفيا.
وأجاب عنه صاحب الكفاية : بأنه وان كان من لوازم الماهية إلا أنه يكون مجعولا يتبع جعل وجوب ذي المقدمة. وهذا الجعل التبعي يكفي في صحة كونه