عدم الحرمة التعليقية ليس من آثار الحلية الفعلية شرعا كما لا يخفى. بخلاف استصحاب الحرمة التعليقية فانه ينفي الحلية الفعلية بعد الغليان شرعا وبالملازمة الشرعية ، لأن عدم الحلية من آثار الحرمة التعليقية شرعا.
وعليه ، فعدم العمل باستصحاب الحلية يكون بوجه ، وعدم العمل باستصحاب الحرمة التعليقية يكون بدون وجه أو على وجه دوري ، فيتعين العمل باستصحاب الحرمة التعليقية ، وهذا الوجه أحسن ما يقال في جواب دعوى المعارضة. فقد قيل في جوابها وجوه لا تخلو عن مناقشة ظاهرة ، فراجع مبحث الاستصحاب التعليقي في الأصول.
وبعد جميع هذا يحسن التعرض لتنبيهات المسألة ، وهي ثلاثة :
التنبيه الأول : ـ وقد ذكره في الكفاية (١) ـ كما أشرنا إليه فيما تقدم (٢) ، ان موضوع الكلام في الاجزاء ما إذا كان هناك حكم ثابت ظاهري أو اضطراري ، فيبحث عن كونه مجزيا عن الواقع وعدمه.
اما إذا لم يكن هناك حكم متقرر له ثبوت ، وانما تخيل ثبوته ، فهو أجنبي عن بحث الاجزاء ، إذ لا حكم كي يبحث عن اجزائه وعدمه ، بل عدم الاجزاء في مثله مما لا كلام فيه ، إذ لا يتجه الاجزاء بوجه من الوجوه المذكورة له لعدم انطباقها عليه. ومن هنا يظهر عدم الإشكال في عدم الاجزاء فيما إذا قطع بحكم ثم انكشف خلافه ، إذ القطع لا يوجب تحقق الأمر لا واقعا ولا ظاهرا ، فلا يكون في البين إلاّ تخيل لثبوت الحكم. فلا وجه لاجزاء المأتي به مع عدم كونه الواقع.
نعم قد يكون ما أتى به مشتملا على مقدار من المصلحة ، بحيث لا يمكن معه تدارك الباقي من مصلحة الواقع ، فلا يجب الإتيان بالواقع حينئذ ، لكنه ليس
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٨٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٢) راجع ٢ ـ ٤٥ من هذا الكتاب.