وبالجملة : يتخلف المورد فيما لو كانت هناك علتان إحداهما تؤثر في شيئين والأخرى تؤثر في شيء واحد ، وفرض انحصار العلتين صدفة. فانه لا يوجد أحد الشيئين المعين إلا والآخر موجود دون العكس. وبدون ان يكون في البين تقدم وتأخر رتبي.
وعلى الثاني : فكذلك لتخلفه أيضا في بعض الموارد ، كما لو فرض ان علة شيء منحصرة تكوينا في أمر واحد ، وهذه العلة كما تؤثر في ذلك الشيء تؤثر في شيء آخر ، وكان لذلك الشيء الآخر علة أخرى تؤثر فيه وحده. فحينئذ لا يمكن وجود ذلك الشيء الا وللآخر وجود ، لأنه لا يوجد إلاّ بالعلة المشتركة وهي تؤثر في كلا الشيئين ، ولكن يمكن أن يوجد الآخر بدون أن يوجد ذلك الشيء كما وجد بعلته الخاصة لا بالعلة المشتركة.
فضابط النقض : ان يكون هناك معلولان لعلة واحدة وكان لأحدهما علة تؤثر فيه خاصة وليس للآخر مثل ذلك.
ومن الواضح : انه لا يكون بين هذين الشيئين تقدم وتأخر.
وعلى هذا فما ذكر ضابطا للتقدم بالطبع غير وجيه.
الجهة الثانية : فيما ذكره من نفي الدور بان العدم لا يحتاج إلى فاعل وقابل ، إذ فيه :
أولا : انه يتنافى مع ما عليه الوجدان والعرف من تعليل عدم الشيء بوجود المانع ، بحيث يكون المانع موردا للمناقشة ونحو ذلك ، فيقال لمن لم يحرق الجسم : « لم لم يحترق ». فيجيب : ان عدم الإحراق لوجود الرطوبة. ومن الواضح ان لم سؤال عن العلة.
وثانيا : انه يتنافى مع تصريح أهل الفن بان عدم العلة علة العدم ، فيسند العدم إلى عدم العلة في كلماتهم.
وعليه ، نقول : إذا كان علة العدم عدم العلة. فعدم السواد إذا كان علة