اما دعوى : توقف عدم أحد الضدين على الضد الآخر ، التي هي أساس الدور الّذي ذكره صاحب الكفاية.

فقد دفعها قدس‌سره : بان العدم لا يحتاج إلى فاعل وقابل ، فليس هو شيئا قابلا للتأثر وعليه فلا يحتاج إلى ما يكون مصححا لفاعلية الفاعل أو متمما لقابلية القابل بالنسبة إليه ، فينتفي توقف عدم أحد الضدين على وجود الآخر.

هذا مجمل ما يتعلق بالمقام ونخبة كلامه الّذي أسس عليه مقدمية عدم الضد للضد الآخر بلا ورود إشكال الدور (١).

والكلام معه ينبغي ان يكون في جهتين :

الجهة الأولى : فيما ذكره ملاكا للتقدم بالطبع مع حصر منشئه بالأمور الأربعة المزبورة. فانه مما لا نعرف له وجها صحيحا ، إذ يرد عليه : انه اما ان يكون المقصود من ملاك التقدم بالطبع هو عدم تحقق نفس وجود المتأخر الا والمتقدم موجود دون العكس ، أو عدم إمكان وجود المتأخر الا وللمتقدم وجود ولا عكس.

فعلى الأول : لا يصح هذا ملاكا للتقدم بالطبع ، لتخلفه في بعض الموارد ، كما لو كان هناك ماءان أحدهما كثير والآخر قليل وجعل أحدهما في عرض الآخر وجنبه ، ولم يكن هناك إلا ماكينتان للحرارة إحداهما ضعيفة النار لا تؤثر إلا في حرارة القليل والأخرى قوية تؤثر في حرارة كليهما ، ووضع الماء بنحو ينحصر إيجاد حرارتهما من غير طريق هاتين الماكنتين ، فانه حينئذ لا توجد حرارة الماء الكثير الا وحرارة القليل موجودة دون العكس إذ قد توجد حرارة القليل بالماكنة الضعيفة النار ولا توجد بها حرارة الكثيرة.

ومن الواضح جدا انه لا تقدم وتأخر بين حرارة القليل والكثير.

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢١٩ ـ ٢٢٠ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱