أحدهما لا يثبت الآخر لما ثبت في الفقه من ان الطهارة والنجاسة أحكام شرعية مرتبة على موضوعاتها من عدم النوم والبول والغائط وعدم الملاقاة مع الدم وهكذا ، فيكون الاستصحاب الموضوعي سببياً في مورد صحيحتي زرارة فلو كان حاكماً على استصحاب الطهارة المسببي فكيف أجرى الإمام الأصل المسببي وترك السببي؟ فهذا بنفسه دليل على بطلان مبنى الحكومة في الأصلين المتوافقين ولعل اختيار الإمام عليه‌السلام للأصل المسببي في مورد الصحيحتين لكونه ألصق بالمراد وأوضح في افهام السائل وتقريب ذهنه إلى مقصوده مما إذا كان يذكر الأصل السببي.

الكلمة الثانية ـ وتتعلق بحكومة الأصل السببي على المسببي فانا وان كنا لا نستشكل في أصل تقدم الأصل السببي على المسببي ولذلك ترى الفقهاء منذ مئات السنين يقدمون بحسب ارتكازهم في الفقه الأصل السببي ، على المسببي ، إلاّ ان الكلام حول التكييف الّذي ذكروه للتقديم وهو الحكومة باعتبار انَّ الأصل السببي يلغي الشك في مورد الأصل المسببي دون العكس ، فان هذا المبنى مضافاً إلى عدم صحته كما تقدم ، لا يصلح لتفسير حكومة الأصل السببي إذا لم يكن محرزا ، وملغياً للشك كما في تقديم أصالة الطهارة في الماء المغسول به الثوب على استصحاب نجاسة الثوب.

وقد عدل السيد الأستاذ عن الأخذ بهذا التخريج إلى بيان آخر للحكومة وهو ان أصالة الطهارة في الماء تنقح موضوع الدليل الدال على كبرى المطهرية فان موضوعها الغسل بماء ويكون طاهراً والجزء الأول محرز بالوجدان والجزء الثاني تحرزه أصالة الطهارة فيتحقق موضوع دليل المطهرية فيتمسك به لإثبات الطهارة وهو باعتباره أمارة يحكم على استصحاب النجاسة (١).

ونلاحظ على ذلك : ما تقدم في البحث السابق من ان الآثار والأحكام في باب الحكومة لا تثبت بإطلاق الدليل المحكوم بل بالتمسك بإطلاق الدليل الحاكم نفسه ، بل قد تقدم في غير موضع ان حكومة الأصول والأمارات المنقحة لموضوع حكم شرعي على دليل كبرى ذلك الحكم حكومة ظاهرية وليست واقعية فلا يعقل ان يكون التمسك بدليل المطهرية في المقام بل المثبت لطهارة الثوب المغسول نفس أصالة الطهارة

__________________

(١) مصباح الأصول ، ج ٢ ، ص ٢٥٦

۳۶۸۱