٢ ـ ان يكون سببياً والآخر مسببياً أي جارياً في موضوعه الشرعي فيقدم الأصل الجاري في السبب على الجاري في المسبب بالحكومة ولو كان الأصل السببي لا يلغي الشك والأصل المسببي يلغيه ، ومن هنا تكون أصالة الطهارة في الماء المغسول به الثوب فضلاً من استصحابها مقدماً على استصحاب النجاسة في الثوب بعد الغسل ، والوجه فيه انَّ الأصل الجاري في السبب يعبدنا بحكمه وهو المسبب فيلغي الشك المأخوذ في موضوع الأصل المسبب بخلاف العكس.
ولنا حول هذا الّذي تبنته هذه المدرسة الأصولية كلمات ثلاث.
الكلمة الأولى ـ تتعلق بالأصلين المتوافقين ، فانه قد تقدم انه لا صحة لما صورته هذه المدرسة من إلغاء الأصل المحرز أو الأمارة لموضوع الأصل غير المحرز الموافق معه في المؤدى فان أصل مبنى الحكومة ورفع الموضوع لم يكن تاماً ، كما انه على تقرير تماميته فلا يتم ذلك في المتوافقين لأن الغاية هو العلم بالخلاف لا مطلق العلم كما عرفت ذلك مفصلاً في البحث السابق.
ونضيف هنا ان الالتزام بتقديم أحد المتوافقين على الآخر يترتب عليه محاذير عديدة لا يمكن الالتزام بها :
منها ـ ما يلزم من تقدم استصحاب الطهارة على قاعدة الطهارة حيث يلزم اختصاص القاعدة بفرض نادر كموارد توارد الحالتين مثلاً إذ في غير ذلك يجري امَّا استصحاب الطهارة أو النجاسة فلا تجري القاعدة.
ومنها ـ ما يلزم من تقدم استصحاب الحل والترخيص على البراءة وأصالة الحل الظاهرين بحسب مفاد دليلهما في الامتنان على الأمة فانه لا يبقى لدليل البراءة مورد إلا مثل توارد الحالتين فكأن هذه الأصول العملية الامتنانية على الناس وردت لعلاج مشكلة توارد الحالتين.
ومنها ـ ما يلزم من تقدم الاستصحاب السببي على المسببي المتوافقين فان هذا على خلاف مورد أدلة الاستصحاب ورواياته فانها أجرت الاستصحاب المسببي وهو الطهارة من الحدث أو من الخبث رغم وجود الاستصحاب السببي في المورد وهو استصحاب عدم النوم أو عدم إصابة الدم.
ولا يتوهم ان الحدث والطهارة أو النجاسة والطهارة متضادان فاستصحاب عدم