بين الدليلين ولا تنافي بين المدلولين المتوافقين.

وامَّا من حيث البناء فلانا لو سلمنا الورود أو الحكومة فغاية ما يفترض أخذه في موضوع حجية الأصل العلم بالخلاف للحرمة في البراءة والنجاسة في القاعدة ونقيض الحالة السابقة في الاستصحاب وهكذا ، وفي مورد الأمارة الموافقة لا علم بالخلاف ، وامَّا العلم بنفس الحكم الّذي يؤديه الأصل فلم يكن عدمه مأخوذاً في لسان الدليل ، نعم صورة العلم الوجداني بذلك يكون خارجاً بالمخصص اللبي إلاّ انه قد تقدم منهم في وجه تقديم الأمارة على الأصل انه يقيد الإطلاق بمقدار الاستحالة وهو مورد العلم الوجداني الموافق لا العلم التعبدي.

وبهذا البيان نفسه نمنع عن تقدم الأصول بعضها على بعض إذا كانت متوافقة أيضاً فينهار ما بناه المشهور ورتبوه على ذلك من الآثار والنتائج في بحث الأصول الطولية وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في مواضعها أيضاً.

الثاني ـ انَّ حكومة الأمارة على الأصل بالحكومة المضمونية ـ القسم الثالث للحكومة ـ قد تقرب على ضوء ما تقدم من ورود دليل الأمارة في مورد الإلزام ان المستفاد من ذلك ان الشارع يفترض عدم الإلزام وثبوت التأمين لو لا جعل الحجية للأمارة في ذلك المورد وإلاّ لم تكن حاجة إلى جعلها وهذا يعني انَّ دليل حجية الأمارة الإلزامية فرضت مضمون الأصل الترخيص في المرتبة السابقة لتخصصه أو تحدده فتكون حاكمة عليه.

ونلاحظ على ذلك : انه يكفي في إشباع الحاجة إلى افتراض التأمين المسبق ان يكون النّظر إلى قاعدة قبح العقاب ـ على القول بها ـ أو البراءة الشرعية المحكومة التي هي في رتبة القاعدة ـ على ما استفدناها في مبحث البراءة من بعض الأدلة ـ فلا يتوقف ذلك على افتراض ثبوت مضمون الأصول الشرعية.

الثالث ـ انَّ تقديم الأمارات على الأصول العملية العقلية انَّما يكون بالورود لأنَّ حكم العقل العملي في باب الإطاعة والعصيان سواء بالبراءة أم الاشتغال انما يكون معلقاً على عدم تصدّي المولى بنفسه لإبراز شدة اهتمامه بملاكاته الواقعية الإلزامية أو الترخيصية من دون ارتباط ذلك بلسان الجعل الظاهري من كونه بصيغة جعل العلمية أو الحجية أو المنجزية أو الكلفة أو أي لسان آخر ، وقد تقدم تفصيل ذلك في محله من

۳۶۸۱