لا شك في توفر اليقين بالحدوث والشك في البقاء فيجري الاستصحاب.

وامّا في الحالة الثانية فقد يستشكل في جريان الاستصحاب في الجزء بدعوى عدم توفر الركن الثاني وهو الشك في البقاء لأنه معلوم الارتفاع فعلاً بحسب الفرض فكيف يجري استصحابه؟

وقد اتجه المحققون في دفع هذا الاستشكال إلى التمييز بين الزمان في نفسه والزمان النسبي أي زمان الجزء الآخر فيقال : انَّ الجزء المراد استصحابه إذا لو حظ حاله في عمود الزمان المتصل إلى الآن فهو غير محتمل البقاء للعلم بارتفاعه فعلاً ، وإذا لوحظ حاله بالنسبة إلى زمان الجزء الآخر فقد يكون مشكوك البقاء إلى ذلك الزمان مثلاً عدم الكرية في المثال المذكور لا يحتمل بقاؤه إلى الآن ولكن يشك في بقائه إلى حين وقوع الملاقاة فيجري استصحابه إلى زمان وقوعها.

وتفصيل الكلام في ذلك : انه إذا كان زمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه ـ وهو عدم الكرية في المثال معلوماً وكان زمان تواجد الجزء الآخر ـ وهو الملاقاة في المثال ـ معلوماً أيضاً فلا شك لكي يجري الاستصحاب ، ولهذا لا بد أَن يفرض الجهل بكلا الزمانين أو بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه خاصة أو بزمان تواجد الجزء الاخر خاصة ، فهذه صور ثلاث للشك في تقدم أحد الحادثين وتأخره في الموضوعات المركبة.

وقد اختلف المحققون في حكم هذه الصور الثلاث إلى ثلاثة أقوال ، فذهب جماعة منهم السيد الأستاذ إلى جريان الاستصحاب في نفسه في الصور الثلاث وإذا وجد له معارض سقط بالمعارضة ، وذهب بعض المحققين إلى جريان الاستصحاب في صورتين هما صورة الجهل بالزمانين أو الجهل بزمان ارتفاع الجزء المراد استصحابه وعدم جريانه في صورة العلم بزمان الارتفاع. وذهب صاحب الكفاية إلى جريان الاستصحاب في صورة واحدة وهي صورة الجهل بزمان الارتفاع مع العلم بزمان تواجد الجزء الآخر ، واما في صورتي الجهل بكلا الزمانين أو العلم بزمان الارتفاع فلا يجري الاستصحاب فهذه أقوال ثلاثة :

اما القول الأول ـ فقد علّله أصحابه بما أشرنا إليه آنفاً من انَّ بقاء الجزء المراد استصحابه إلى زمان تواجد الجزء الآخر مشكوك حتى لو لم يكن هناك شك في بقائه إذا لو حظت قطعات الزمان بما هي ، كما إذا كان زمان الارتفاع معلوماً ويكفي في

۳۶۸۱