الجواب الثالث ـ ما هو الصحيح في علاج هذه الشبهة من وجود خطأ في صيغة الشرطية المرتكزة في الذهن الأصولي ، فانه لم يرد ما يدلّ على انَّ المستصحب لا بدَّ وأَن يكون حكماً شرعياً أو موضوعاً لحكم شرعي ، فانَّ الاستصحاب مجرد تعبد ظاهري ، وامر التعبد والاعتبار سهل يمكن تعلقه بالأمور التكوينية والشرعية معاً (١) غاية الأمر يلزم من شمول هذا التعبد للأمور التكوينية الصرفة اللغوية فلا بد من أثر عملي يترتب على التعبد المذكور ، بل ما ذكرناه من ظهور دليل الاستصحاب في النقض العملي أيضاً يقتضي أَن يكون المستصحب يعقل فيه نقض عملي فلا بد من معقولية موقف عملي في مورد الاستصحاب أي لا بد من المنجزية أو المعذرية في مورده لكي يعقل جعل التعبد والحكم الظاهري الاستصحابي فيه ، ومن الواضح انَّ المنجزية والمعذرية كما تتصور بلحاظ قيود الحكم وموضوعه كذلك تتعلق بلحاظ متعلقه وفي مرحلة الامتثال أيّاً كانت صياغته الاعتبارية فتكون مرحلة الحكم الظاهري وملاكه وهو التحفظ على أغراض المولى معقولة في المجالين ، ومن هنا كانت القواعد والأصول التعبدية الظاهرية التي جعلها الشارع بعضها في المجال الأول كالبراءة وبعضها في المجال الثاني كقاعدة الفراغ والتجاوز وبعضها في المجالين حسب المقدار المستفاد من لسان دليله ، ولا إشكال في انَّ مفاد دليل الاستصحاب وهو النهي عن النقض العملي لليقين بالشك صالح لشمول المجالين فيكون مقتضى إطلاقه ثبوت التعبد فيهما معاً.

ودعوى : انَّ التعبد في المجال الثاني أعني مرحلة الامتثال ينبغي أَن يكون بعنوان إحراز الامتثال والتعبد بتحقق المتعلق نظير قوله عليه‌السلام بل قد ركعت أو شكك ليس بشيء لا التعبد ببقاء اليقين والكاشف فانه يناسب المجال الأول.

مدفوعة : بما تقدم في محله من أنَّ هذه مجرد ألسنة وصياغات لفظية أو اعتبارية للكشف عن محتوى واحد وهو روح الحكم الظاهري وملاكه المحفوظ في المجالين وهو

__________________

(١) قد يقال : انه بناء على مبنى جعل الحكم المماثل لا بدَّ وان يكون مفاد الاستصحاب حكماً شرعاً أو موضوعاً لحكم شرعي لكي يعقل جعل المماثل له.

والجواب ـ انَّ القائل بجعل الحكم المماثل في الأحكام الظاهرية لا بد وأَن يقول بذلك في مجال الحكم الظاهري المجعول في مورد الشك في فعلية التكليف لا في الشك في الامتثال ـ كما في قاعدة الفراغ والتجاوز ـ فما يصوره في تفسير الأحكام والقواعد الظاهرية المجعولة لموارد الشك في الامتثال بنفسه جار في المقام أيضاً فلا فرق بين المسالك في هذه النقطة.

۳۶۸۱