الأول ـ ظهر ممّا ذكرنا انَّ الاستصحاب التعليقي على القول به انما يتم في الأحكام لا الموضوعات كما إذا شك في انَّ صومه الآن هل يكون في النهار أم لا وقيل بعدم جريان الاستصحاب في الزمان فأريد استبدال ذلك باستصحاب تعليقي مفاده انه لو كان قد صام قبل الآن كان صومه في النهار فالآن كذلك.
وعدم جريان الاستصحاب فيه واضح لأنَّ القضية التعليقية هنا تكوينية شرطاً وجزاء فلا منشأ لتوهم ترتب شرعي لكي يستصحب ، فلو أُريد استصحاب نفس. السببية بينهما فلا أثر عملي يترتب عليه ، وان أريد إثبات الجزء باستصحاب القضية التعليقية فهو من أوضح أنحاء الأصل المثبت ، ولا يرد هنا شيء من التخريجات المتقدمة للاستصحاب التعليقي من دعوى فعلية المجعول بنفس الجعل أو انَّ المجعول نفس القضية التعليقية وإحرازها كاف في التنجيز ، فانَّ ذلك كله مخصوص بما إذا كانت القضية التعليقية شرعية لا تكوينية كما لا يخفى. نعم لو تمّ ما تقدم في بعض الوجوه السابقة من تصور وجود علم بالجزاء منوط ومشروط بتحقق الشرط جرى هنا أيضاً ولكنه كان بمكان من الضعف (١).
الثاني ـ انَّ المثال المدرسي المعروف للاستصحاب التعليقي وهو العصير الزبيبي عليه ملاحظة فقهية حاصلها : انَّ الوارد في لسان الدليل حرمة العصير العنبي المغلي لا حرمة العنب المغلي ليتوهم ان الزبيب عنب أيضاً غاية الأمر انه قد جف والجفاف لا يضر بوحدة الموضوع عرفاً ، ومن الواضح ان العصير العنبي يعني الماء المتخذ من العنب بينما العصير الزبيبي ليس ماءً للزبيب وانما هو ماء خارجي يضاف إلى الزبيب فيغلي والتعدد بينه وبين العصير المتخذ من العنب واضح عقلاً وعرفاً فلا مجال للاستصحاب
__________________
(١) كما ويظهر من التأمل فيما سبق عدم جريان الاستصحاب التعليقي في الشبهة الموضوعية ، أعني الحكم الجزئي كما إذا شك في جفاف العنب وعدمه فلا يمكن استصحاب الحكم المعلق الجزئي بأَن يقال هذا العنب كان إذا غلى يحرم فالآن كذلك رغم انَّ القضية التعليقية مجعولة شرعاً. والوجه في ذلك انَّ الوجه المقبول لجريان الاستصحاب التعليقي كان أساسه كفاية إحراز نفس القضية الشرطية مع إحراز موضوعها للتنجيز ومن الواضح انَّ هذا انما يعقل في الشبهة الحكمية التي يشك فيها في نفس القضية الشرطية فيراد إحرازها بالاستصحاب ، وامَّا في المقام فلا شك في القضية الشرطية وانما الشك في صغراها ، واستصحاب المجعول الجزئي بمعنى القضية الشرطية الجزئية لا أثر له في التنجيز بناءً على هذا المسلك لأنَّ التنجيز لا يدور مدار المجعول الفعلي الوهمي فلا يجري استصحاب الحكم التعليقي في الشبهة الموضوعية أيضاً ، وسوف يأتي في بعض البحوث القادمة إشارة من السيد الأستاذ قدسسره يمكن أَن يستفاد منها هذا المعنى فانتظر.