فان قيل : انَّ الحلية الثابتة قبل الجفاف نعلم بأنها كانت مغياة ونشك في تبدلها إلى الحلية غير المغياة بالجفاف فنستصحب تلك الحلية المغياة المعلومة قبل الجفاف.

كان الجواب : انَّ استصحابها لا يعين حال الحلية التنجيزية المعلومة بعد الجفاف ولا يثبت انها مغياة إلاّ بالملازمة للعلم بعدم إمكان وجود حليتين وما دامت الحلية المعلومة بعد الجفاف لا مثبت لكونها مغياة فبالإمكان استصحاب ذاتها إلى ما بعد الغليان.

الاتجاه الثاني ـ ما ذكره الشيخ الأنصاري ( قده ) وأوضحه المحقق النائيني ( قده ) بأنَّ الاستصحاب التعليقي حاكم على الاستصحاب التنجيزي لأنه يلغي الشك في الحكم التنجيزي فيكون حاكماً عليه ، وهذا الكلام لإجماله أصبح مورداً للنقد من قبل الاعلام فانه بعد أَن لم تكن نسبة الحكم التنجيزي إلى التعليقي نسبة الحكم إلى موضوعه والمسبب الشرعي إلى سببه فلما ذا يفترض حكومة الاستصحاب التعليقي على الاستصحاب التنجيزي.

ويمكن أَن يقال في توجيه مدعى المحقق النائيني ( قده ) : انَّ استصحاب القضية الشرطية للحكم امّا أَن يفترض انه يثبت فعلية الحكم عند تحقق الشرط واما أَن لا يثبت ذلك ، فان لم يثبت لم يجر في نفسه إذ أي أثر لإثبات حكم مشروط لا ينتهي إلى الفعلية ، وان أثبت ذلك تم الملاك لتقديم استصحاب الحكم المعلق على استصحاب الحكم المنجز وحكومته عليه وفقاً للقاعدة المشار إليها من انه كلما كان أحد الأصلين يعالج مورد الأصل الآخر دون العكس قدم الأصل الأول على الثاني فانَّ مورد الاستصحاب التنجيزي مرحلة الحكم الفعلي ومورد الاستصحاب التعليقي مرحلة الثبوت التقديري للحكم والمفروض انَّ استصحاب الحكم التعليقي يثبت الحرمة الفعلية وهو معنى نفي الحلية الفعلية ، وامّا استصحاب الحلية الفعلية فلا ينفي الحرمة التعليقية ولا يتعرض إلى الثبوت التقديري له.

ولكن هذا التوجيه لا يتم بناءً على ما هو الصحيح في تخريج الاستصحاب التعليقي ، حيث تقدم انَّ جريانه ليس بملاك إثبات الحكم الفعلي بالقضية المشروطة بل من أجل كفاية وصول الكبرى والصغرى في حكم العقل بوجوب الامتثال ، فانَّ استصحاب الحكم المعلق على هذا الأساس لا يعالج مورد الاستصحاب الآخر ليكون حاكماً عليه.

۳۶۸۱