في عالم المفاهيم والتصور تعني التخصيص والتقييد ، وهذا غير معقول في المقام ، وفي عالم الحقائق والوجودات التصديقية تعني السببية والعلّيّة ومن الواضح انَّ العلم بالحرمة علّته وسببه دليله وبرهانه من العلم بالصغرى والكبرى لا الغليان لا بوجوده اللحاظي ولا الخارجي.
٤ ـ ما ذكره المحقق الأصفهاني ( قده ) في تفسير مراد أستاذه صاحب الكفاية ( قده ) من امره بالفهم : انَّ حرمة العنب المغلي مجعولة على نهج القضية الحقيقية لا الخارجية ، وهذا يعني انها مجعولة على الافراد المقدرة الوجود فالحرمة فعلية على العنب المغلي المقدر ، ولا يقصد بذلك ما تقدم في المناقشة الثانية من انَّ الشرط للحكم هو الوجود اللحاظي لا الخارجي بل هو يتكلم عن الغليان الخارجي والحرمة الجزئية الثابتة له لا الحرمة الكلية التي يجعلها المولى بمجرد لحاظ الغليان ، ولكنه يرى انَّ الغليان الخارجي كما تكون افراده المحققة مشمولة للحكم كذلك تكون افراده المقدرة مشمولة للحكم فلتستصحب تلك الحرمة الجزئية الثابتة بلحاظ الغليان المقدر الوجود.
ويلاحظ عليه : أولاً ـ انَّ معنى شمول الحكم في القضية الحقيقية للافراد المقدرة انَّ الحكم لو لوحظ بالحمل الأولي لا الشائع فيرى ثبوت الحرمة لكل ما يفرض انه عنب مغلي فتثبت حرمة جزئية لكل ما يفرض عنباً فعلياً ، إلاّ انَّ هذا انما يكون بعد فرض موضوع الحكم بتمام قيده في المنظور بهذا المنظار أي بعد فرض عنب مغلي فيكون المستصحب بقاء حرمة العنب المغلي بلحاظ ما بعد غليانه لو شك في ارتفاع الحرمة عنه لا أَن تستصحب بقاء الحرمة المعلقة على الغليان للزبيب الّذي هو امتداد لذات العنب لا للعنب المغلي فانه بهذا المنظار وفي هذا الأُفق لا يكون لذات العنب حرمة جزئية لكي تستصحب.
وثانياً ـ انَّ هذا التفسير لكلام صاحب الكفاية ( قده ) أساساً مما لا يرضى به صاحبه فانه قد ذكر بنفسه في حاشيته على الرسائل معنى آخر حاصله : انَّ حرمة العصير تارة يؤخذ فيها الغليان بنحو قيد الوجوب والتكليف ، وأخرى يؤخذ فيها الغليان بنحو قيد الواجب والمكلف به فتكون الحرمة فعلية ولكن الحرام هو الشرب الخاصّ وهو الشرب حال الغليان ، فانَّ قيود الحرمة يمكن أخذها في الحرام بدلاً عن الحرمة حتى إذا كانت غير اختيارية على خلاف باب الوجوب حيث لا بدَّ وأَن تؤخذ القيود