وهكذا يتضح انَّ استصحاب الزمان بلحاظ قيود الواجب لا يمكن إجراؤه لإحراز تحقق الواجب به وتنجيزه إلاّ بنحو الأصل المثبت ، وجميع المحاولات المذكورة من قبل الأصحاب لا تدفع الإشكال في خصوص المقام.

نعم يمكن الانتهاء إلى تنجيز نفس الأثر والوجوب الشرعي الّذي كان يقصد تنجيزه من استصحاب الزمان بنحو آخر وتوضيحه :

انَّ الزمان المأخوذ قيداً في الواجب تارة يكون بنحو صرف الوجود كما في الصلاة بين الزوال والغروب ، وأخرى يكون بنحو مطلق الوجود أي يجب الفعل في تمام آنات ذلك الزمان كالصوم الواجب في النهار.

ففي الفرض الأول تارة يفرض انَّ الصلاة وجبت على المكلف ولكنه أخرها إلى حين الشك في بقاء الوقت ، وأخرى يفرض انه لم تجب عليه الصلاة إلاّ من حين الشك في بقاء الوقت كما إذا لم يكن بالغاً قبله مثلاً.

ففي التقدير الأول تجري قاعدة الاشتغال ، لأنَّ الشك بحسب الحقيقة في الفراغ عن التكليف من ناحية الشك في القدرة عليه بعد اليقين بأصل التكليف واشتغال الذّمّة به ، والشك في القدرة مجرى لقاعدة الاشتغال (١).

وفي التقدير الثاني يجري استصحاب بقاء الوقت لإثبات فعلية الوجوب ، فانَّ الوقت إذا أخذ قيداً في الواجب أصبح قيداً في الوجوب أيضاً لا محالة لكونه غير اختياري فيستصحب بقاءه ، وبذلك يحرز فعلية الوجوب عليه واشتغال الذّمّة به غاية الأمر يشك في القدرة على تحققه وقد عرفت انه مورد للاشتغال وهذا الاستصحاب لم نحتج إليه في التقدير السابق لثبوت الاشتغال فيه وجداناً ابتداءً بلا حاجة إلى التعبد الاستصحابي (٢)

__________________

(١) الأثر المطلوب في هذا التقدير ليس هو تنجز الوجوب ليقال بأنه ثابت بقاعدة الاشتغال ، بل هناك أثر آخر مهم هو إحراز تحقق الامتثال بما يأتي به لكونه صلاة بالوجدان وفي الوقت بالتعبد فإذا لم يمكن إثبات ذلك كما هو المفروض كان من الشك في تحقق الامتثال والأصل عدمه فيترتب عليه آثاره من لزوم القضاء لو قيل به.

(٢) قد يقال : أخذ قيد غير اختياري في الواجب لا يجعله قيداً في الوجوب بحسب الدقة وانما القيد هو القدرة عليه المعبر عنها بقضية شرطية هي انه لو صلى كان في الوقت فلو فرض محالاً انه إذا صلى كان في الوقت مع عدم تحقق الوقت بالفعل كان الوجوب فعلياً في حقه ، ومن الواضح انَّ هذه القضية الشرطية لا يمكن إحرازها باستصحاب الوقت سواء كان الزمان مأخوذاً في الواجب بنحو صرف الوجود أو مطلق الوجود.

والجواب : لو فرض ذلك وعدم استظهار أخذ نفس الزمان قيداً في الوجوب مع ذلك أمكن إجراء استصحاب القدرة أو القضية الشرطية فانها كانت صادقة سابقاً ويشك في صدقها فيستصحب.

۳۶۸۱