منها نفس الحد الأوسط كقولك الإنسان إنسان ، والإنسان حيوان ، فالإنسان حيوان ، فان هذا ليس استدلالا وانما مرده إلى قضية واحدة هي الإنسان حيوان.
الثانية ـ ان العرف في موارد وضوح ثبوت الأوسط للأصغر قد يقلب التعبير فبدل ان يثبت الحد الأوسط للأصغر بنحو مفاد كان الناقصة يثبت الحد الأصغر بنحو مفاد كان التامة مثال ذلك قولنا الحيوان الناطق حيوان ، والحيوان يجوع ، فالحيوان الناطق يجوع ، فان العرف يبدله إلى قوله هو حيوان ناطق ، والحيوان يجوع ، فهو يجوع.
وفي ضوء هاتين المقدمتين يتضح في المقام ان الحد الأوسط ان فرض هو اليقين لا اليقين بالوضوء تم الشكل الأول بالنحو الّذي ذكرناه ، لأن الصغرى كانت هكذا ( اليقين بالوضوء يقين ) وحيث ان ثبوت مثل هذا الأوسط للأصغر كان واضحا لكونه مستنبطنا فيه بدل ذلك بمقتضى ما ذكرناه في المقدمة الثانية إلى إثبات الحد الأصغر بنحو مفاد كان التامة فقيل ( فانه على يقين من وضوئه ) فيتم الشكل الأول للقياس كما أفاد المحقق العراقي ( قده ) ، واما إذا فرضنا الحد الأوسط اليقين بالوضوء فانه لا يتم قياس إذ ما ذا يكون الحد الأصغر حينئذ؟ فان كان هو اليقين بوضوئه أيضا المفروض في سؤال الراوي لزم ان تكون الصغرى ( اليقين بوضوئه يقين بوضوئه ) وهذا كما ذكرنا في المقدمة الأولى لغو لا معنى له ، وان كان الحد الأصغر اليقين الجزئي في مورد شخصي معين فهذا لا وجه له فانه لم يسبق في الحديث ذكر يقين جزئي معين وانما المذكور فرضية لليقين وكونه متعلقا بالوضوء وهذا نفس الحد الأوسط (١).
ومنها ـ ان مناسبة الحكم والموضوع تقتضي التعميم ، لأن النقض انما أسند لليقين باعتبار ما لليقين من جهة استحكام وإبرام ، وهذه خصوصية في ذات اليقين مع قطع النّظر عن متعلقه وانه الوضوء أو غيره فيتعدى إلى مطلق اليقين السابق.
وفيه : انه خلط بين مناسبة الحكم والموضوع ومناسبة استعمال كلمة النقض واسناده إلى اليقين بحسب عالم اللغة ، فان هذه المناسبة تصحيح للإسناد والاستعمال سواء كان المسند إليه جامع اليقين ( اليقين بلا قيد ) أو حصة منه ( اليقين بالوضوء )
__________________
(١) يمكن ان يقال : ان المفروض في مورد السؤال اليقين بالوضوء والشك في النوم أي اليقين بالوضوء في مورد الشك بطرو النوم بالخصوص فهذا يرجع إلى نحو تقييد لليقين بالوضوء في مورد احتمال هذا الناقض فيمكن حينئذ جعل الحد الأوسط مطلق اليقين بالوضوء في قبال الحصة الخاصة منه وتستفاد قاعدة خاصة بباب الوضوء أيضا ولكنه أوسع من مورد الشك في ناقضية النوم.