ضمني بوجود الفرد فكأنّه يوجد في الخارج بوجود الفرد امران المفهوم الجزئي وهو زيد وكلي الإنسانية المتضمنة فيه ، بجريان الاستصحاب في المقام لأنَّ الّذي علم بانتفائه في الخارج انما هو وجود الإنسان الجزئي وهو زيد وامّا الإنسانية العامة الموجودة ضمناً فيحتمل بقاؤها ولو ضمن فرد آخر بنفس العنوان والمفهوم العام فتتم فيه أركان الاستصحاب.
وإن شئت قلت : انَّ لنا علمين علم بالفرد وعلم بالجامع ضمناً ، والّذي علم بارتفاعه انما هو العلم الأول ، واما العلم الثاني فلا علم بانتقاضه فيستصحب ، وهذا الكلام لا جواب عليه إلاّ أَن ندعي ما ذكره المحقق العراقي ( قده ) من اشتراط وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة في الوجود الخارجي ولا تكفي الوحدة الذاتيّة والمفهومية بينهما ، وهذا الاستظهار وإن كان صحيحاً إلاّ انه لنكتة يرتفع على أساسها أصل الإشكال كما سوف يظهر.
إلاّ انَّ أصل هذا التصور لوجود الكلي في الخارج غير تام ، وانما الصحيح ما تقدم من انَّ الموجود في الخارج ليس إلاّ إنسانية واحدة وانما يختلف نحو تلقي الذهن لها فتارة يشير إليها بالمفهوم المجرد فيسمى بالكلي ، وأخرى يشير إليها بمفهوم متعين فيسمى بالجزئي ، وبناءً عليه فليس في المقام إلاّ يقين واحد من خلال المفهوم المتعين وقد علم بانتقاضه فلا معنى للاستصحاب ، إذ لو أُريد إجراؤه في المفهوم المشار به إلى الخارج فقد علم بانتقاضه فلا يكون من نقض اليقين بالشك بل باليقين ، وان أُريد إجراؤه في المفهوم المجرد فلم يكن العلم والإشارة إلى الواقع الخارجي من خلاله بل من خلال المفهوم المتعين الّذي علم بزواله.
وقد يقال : انَّ الإشارة بالمفهوم الجزئي تتضمن الإشارة بالمفهوم المجرد العام ضمناً فليكتفي بذلك في جريان الاستصحاب في المفهوم الكلي ، إذ لم يؤخذ في موضوع الاستصحاب أكثر من اليقين بحدوث شيء ولو ضمن خصوصية زائدة فأركان الاستصحاب تامة في الكلي على هذا المسلك أيضاً ، بل يمكن افتراض انَّ العلم بالحدوث كان من خلال العنوان العام ابتداءً كما إذا علم بتحقق الجامع ضمن فرد من الإنسان إجمالاً وعلم بخروج ذلك الفرد على إجماله أيضاً ولكن احتملنا بقاء الجامع ضمن فرد آخر كان مقارناً مع الأول أو حدث بعده فانَّ العنوان الكلي المجرد