إلى عالم الإثبات ومقدار دلالة دليل الحجية لا عالم الثبوت ، ولازم هذه المنهجة انه يمكن ان يفرض عدم استفادة حجية لوازم أمارة من الأمارات إذا فرض قصور دلالة دليل حجيتها عن إثبات حجية لوازمها وهذا ما تبناه السيد الأستاذ وفيما يلي نتكلم عن كل من المنهجين.
اما المنهج الأول ـ فقد أفاد المحقق النائيني ( قده ) في تقريبه ان العلم له آثار وخصائص أربع مترتبة :
١ ـ الخصيصة الصفتية من حيث كونه حالة سكون واستقرار نفسي.
٢ ـ خصيصة الطريقية وانكشاف الواقع به.
٣ ـ خصيصة التحريك العملي باتجاه الواقع الّذي تعلق به.
٤ ـ خصيصة التنجيز والتعذير.
والأثر الأول من مختصات العلم تكوينا ولا يمكن ان يقوم شيء مقامه الا بأن يكون علماء حقيقة ، والأثر الثاني هو المجعول في باب الأمارات حيث ان الشارع يحكم فيها بتتميم الكشف اعتبارا وجعلها علما وطريقا فتقوم الأمارات مقام العلم في هذه الخصيصة وتترتب عليه الآثار والخصائص الأخرى ، والأثر الثالث هو المجعول في باب الأصول العملية غاية الأمر تارة : يجعل الأصل كالعلم في التحريك والجري العملي على طبق الشيء على انه هو الواقع تنزيلا وتعبدا وهذا هو المجعول في باب الأصول التنزيلية أو المحرزة ، وأخرى : يجعل الأصل كالعلم في المحركية من دون افتراض مؤداه هو الواقع وهذا هو المجعول في الأصول غير التنزيلية ، وعلى كل حال يكون ترتب الأثر الرابع على الحجة بالتبع لا بالاستقلال لأنه يرى استحالة جعل المنجزية والمعذرية لكونهما من أحكام العقل ولا يعقل للشارع تنزيل شيء منزله حكم غيره.
وبناء على هذا التصنيف يثبت الفرق المذكور بين الأمارات والأصول العملية إذ جعل الطريقية والعلمية في باب الأمارة يعني تتميم كاشفيتها ومن الواضح ان الكاشفية الثابتة بالنسبة إلى المدلول المطابقي في باب الأمارة بنفسها ثابتة بالنسبة إلى ملازماتها فلا محالة تثبت جميعا بتتميم كشفها ، وهذا بخلاف الأصول لأن المجعول فيها ليس هو تتميم الكشف بل مجرد الجري العملي وهو لا يستلزم التعبد بالجري العملي على طبق اللوازم التي لم تتم أركان الأصل العملي فيه.