الشك في الحكم الشرعي المستكشف أيضا.

المبنى الثالث ـ ان الحسن والقبح واقعان موضوعيان يدركهما العقل كما يدرك الواقعيات الأخرى غاية الأمر ليس عالم تحققهما عالم الوجود بل عالم الواقع الأوسع من لوح الوجود ، وبناء على هذا المبنى يعقل الشك في الحسن والقبح فضلا عن الحكم الشرعي المستكشف بهما.

المبنى الرابع ـ ما ذهب إليه السيد الأستاذ من ان الحسن والقبح لهما معنيان الأول استحقاق المدح أو الذم من العقلاء ، والاخر منشأ هذا الاستحقاق ، وكلا الأمرين موضوعيان الا ان الأول منهما قد أخذ فيه العلم بالمنشإ موضوعا فلا يذم الجاهل بكون فعله ظلما أو ضربا لليتيم مثلا. وبناء عليه لا بد من ملاحظة ان التلازم هل هو بين حكم الشارع وبين الأمر الأول أو الثاني ، فان قيل بالأول فلا يعقل الشك فيه لأن المفروض ان موضوع الاستحقاق العلم بالظلم أو العدل أي العلم بوقوع الفعل موقعه المناسب وعدمه فمع الشك فيه لا استحقاق ، وان قيل بالثاني كان الشك فيه معقولا لأن منشأ الاستحقاق امر واقعي موضوعي فيعقل الشك فيه على حد الشك في المدركات الواقعية الأخرى.

الوجه الثاني ـ ان أحكام العقل العملي أي الحسن والقبح لا معنى للشك فيه بنحو الشبهة الحكمية الا إذا لم يحرز الموضوع وحدوده ، كما إذا شك مثلا ان قبح الكذب ثابت للكذب مطلقا أو الكذب المضر مثلا أو غير النافع ، ومع الشك واحتمال دخالة هذا القيد في الحكم العقلي لا معنى للاستصحاب لعدم إحراز وحدة الموضوع لأن القيود في أحكام العقل العملي تقييدية لا تعليلية.

وهذا الوجه غير تام أيضا فان تقييدية القيود في أحكام العقل العملي وان كان صحيحا الا ان الميزان في جريان الاستصحاب وحدة القضيتين وعدم تبدل الموضوع بحسب الفهم العرفي والمناسبات المحكمة على دليل الاستصحاب لا على دليل الحكم سواء كان لفظيا أو عقليا ، فقد تكون الحيثية المأخوذة في الدليل تقييدية ومع ذلك يجري الاستصحاب لأن العرف يرى بقاء موضوع الحكم المستصحب رغم زوال تلك الحيثية على ما سوف يأتي تحقيقه مفصلا في محله.

الوجه الثالث ـ ما ذهب إليه المشهور من ان الحسن والقبح بالذات منحصر في

۳۶۸۱