الشك يقطع بارتفاع الحكم العقلي.

ويمكن ان يناقش ذلك :

أولا ـ إذا افترضنا التحسين والتقبيح من أحكام العقلاء ومجعولاتهم فمن المعقول الشك فيهما نتيجة عدم وضوح جعلهم وتشخيصهم للمصالح والمفاسد عند شخص ما ، وكون القضية عقلائية وهو منهم لا يمنع عن حصول الشك لديه فيما إذا لم تكن المصلحة التي دعت العقلاء قبله إلى جعله بدرجة كافية من الوضوح والبداهة في نفسها ، ولهذا قد يقع الشك في الأوضاع اللغوية الموضوعة من قبل العرف والعقلاء لدى الإنسان العرفي أيضا.

وثانيا ـ إمكان فرض الشك في الحكم الشرعي المستكشف بالحكم العقلي فان مجرد فرض ان الشارع من العقلاء بل سيدهم وفرض عدم الشك في الحكم العقلائي لا يستلزم عدم الشك في الحكم الشرعي إذ لعل الجعل الشرعي يكون أوسع من الجعل العقلائي ولو باعتبار أن الشارع أكمل عقلا وإدراكا للمصالح الواقعية والتي لم يدرك العقلاء الا جانبا منها.

وثالثا ـ ما ذكر من عدم إمكان الشك حتى بنحو الشبهة الموضوعية في هذه الأحكام غير صحيح وذلك لما تقدم في بحوث التجري من منع كون الاختيارية تابعة للعلم والوصول لكي يكون الحسن والقبح تابعين له خصوصا إذا فرضناهما من المجعولات المشهورة بين العقلاء.

المبنى الثاني ـ ما اختاره المحقق الخراسانيّ ( قده ) في حاشيته على الرسائل من ان التحسين والتقبيح العقليين حالتان ذاتيتان للإنسان فهو يلتذ وينجذب نحو الفعل الحسن ويتنفر من الفعل القبيح فليس الحسن والقبيح الا تلك اللذة المعنوية وهذا الاشمئزاز النفسيّ.

وبناء على هذا المبنى في تفسير الحسن والقبيح إذا كان الحكم الشرعي منوطا بنفس الحالتين الذاتيتين الفعليتين فلا يعقل الشك في ذلك لا محالة فان الإنسان بمراجعة وجدانه يستطيع تشخيص الحالة الذاتيّة فيما عدا حالات الوسوسة والتردد ، واما إذا أنيط الحكم الشرعي بالمصلحة أو المفسدة المستكشفة بتلك الحالة الذاتيّة فمن الواضح معقولية الشك في دائرة المصالح والمفاسد المستكشفة بها وبالتالي إمكان

۳۶۸۱