الماء المتغير إذا لاحظناه بالحمل الشائع فهو اعتبار نفساني قائم بنفس المولى وهو بهذا اللحاظ يوجد دفعة واحدة وله خصائص الوجود الذهني ، وإذا لاحظناه بالحمل الأولي فهو صفة وقذارة قائمة بالماء المتغير وجارية عليه ولهذا تكون حادثة بحدوث التغير ولعلها باقية بعد زواله أيضا ، فبهذه النظرة صار للحكم حدوث وبقاء وهذه النظرة وان كانت نظرة أولية إلى عنوان القضية المجعولة لا إلى واقعها بالحمل الشائع وحقيقتها الا ان المعيار في تطبيق دليل الاستصحاب على الأحكام التي يراد التعبد الاستصحابي بها هذه النظرة لا النّظر إليها بالحمل الشائع ، ومما يشهد على ذلك انه لم يخطر على بال أحد من أيام العضدي والحاجبي وإلى زماننا هذا الإشكال في استصحاب الحكم بعدم تصور الحدوث والبقاء فيه بل حتى من أنكر جريانه فيه كالمحقق النراقي ( قده ) والسيد الأستاذ قد اعترف بجريانه في نفسه وتمامية أركان الاستصحاب فيه وانما وجده معارضا مع استصحاب اخر. وهذا الجواب كما يحل أصل الشبهة التي آثرناها في استصحاب الحكم يعالج مشكلة إفتاء المجتهد في الشبهة الحكمية استنادا إلى الاستصحاب لأن الحدوث والبقاء العنواني الثابت بالحمل الأولي للمجعول الكلي من أول الأمر بهذا النّظر بلا حاجة إلى انتظار تحققه في الخارج كما هو واضح (١).

وعلى ضوء علاج المشكلة التي آثرناها في معقولية استصحاب المجعول في نفسه نأتي إلى دراسة شبهة المعارضة التي أثارها المحقق النراقي وبنى عليه السيد الأستاذ بين هذا الاستصحاب وبين استصحاب عدم الجعل الزائد فنقول : تارة نبني على الوجه المختار في معنى استصحاب بقاء الحكم وبناء عليه يكون من الواضح اندفاع شبهة التعارض ، لأننا إذا وافقنا على ان الميزان في تطبيق دليل الاستصحاب بقاء المجعول دون استصحاب عدم الجعل الزائد ، لأنه مبني على ملاحظة الحكم بالحمل الشائع ، ولو لم نوافق على ذلك واعتبرنا لزوم ملاحظة الحكم بالحمل الشائع الحقيقي فائضا

__________________

(١) الحكم بالحمل الأولي حدوثه يكون بحدوث موضوعه أيضا لا قبله ، فان أريد بالحدوث والبقاء العنواني مفهوم الحدوث والبقاء فمن الواضح انه ليس ملاكا في جريان الاستصحاب وان أريد به الحدوث والبقاء بنحو مفاد كان الناقصة فقد عرفت ان هذا ثابت على القول بالتفكيك بين الجعل والمجعول حقيقة أيضا.

۳۶۸۱