جعل الوجوب الزائد يعارض استصحابين أحدهما استصحاب جعل الإباحة والاخر استصحاب عدم بقاء المجعول فيسقط الجميع أيضا (١).
هذا حاصل ما أوضحه السيد الأستاذ في شرح مرامه من التفصيل في جريان الاستصحاب بين الشبهات الحكمية والموضوعية. وقبل الشروع في التعليق عليه لا بأس أن نضيف في توضيحه ملاحظات ثلاث تدفع بها شبهات أخرى قد تثار بوجه هذا التفصيل.
الملاحظة الأولى ـ ليس المقصود باستصحاب عدم الجعل استصحاب عدم اللحاظ الزائد حين الجعل ليقال بان التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل السلب والإيجاب أو العدم والملكة لا الضدين وانما المقصود استصحاب عدم نفس الوجوب والجعل ، ولو كان المقصود استصحاب عدم اللحاظ لاتجه عليه حتى بناء على افتراض ان التقابل بين الإطلاق والتقييد من التضاد ـ كما هو مختاره ـ بان استصحاب عدم لحاظ الإطلاق لا يثبت عدم الجعل الزائد الا بنحو الأصل المثبت لأن نسبة لحاظ المولى إلى جعله كنسبة حياته إليه يكون شرطا تكوينيا فيه.
الملاحظة الثانية ـ قد يتصور انه لا معنى لاستصحاب عدم الجعل الزائد لعدم الدوران بين الأقل والأكثر في عالم الجعل بل بين المتباينين لأن الجعل الزائد انما يتصور بأحد نحوين.
الأول ـ ان يفرض جعول متعددة مستقلة يقطع ببعضها ويشك في البعض الاخر ، وهذا خلاف الفرض ولو فرض لم يجر فيه استصحاب بقاء المجعول لتعدده بتعدد الجعول لا محالة.
الثاني ـ ان يفرض جعل واحد ولكن تعلق بالحصص بشكل تفصيلي فكأنه جعل النجاسة حين تغير الماء بعنوانه ويشك في جعلها له حين زوال تغيره مثلا فيكون الجعل دائرا بين الأقل والأكثر بلحاظ ذاتي الجعلين بغض النّظر عن حديهما نظير ما يقال في بحث الأقل والأكثر في المتعلق.
الا ان هذا أيضا خلاف الفرض فان الإطلاق والعموم لا يريان الحصص بعناوينها
__________________
(١) راجع مصباح الأصول ، ج ٣ ، ص ٤٠ ـ ٤٤