الموضوع واتحاد القضيتين المتيقنة والمشكوكة على إطلاقه في غير محله (١).
واما الركن الرابع للاستصحاب وهو وجود الأثر العملي المصحح لجريانه فمستنده ان الاستصحاب حكم ظاهري فلا بد من انتهائه إلى أثر عملي والا كان لغوا. هذا ولكن هذا الركن يمكن بيانه بإحدى صيغ ثلاث تختلف في بعض النتائج والثمرات :
الصيغة الأولى ـ ما ذكرناه من ان الاستصحاب يتقوم بلزوم انتهاء التعبد فيه إلى أثر عملي إذ لو لم يترتب على التعبد الاستصحابي أي أثر عملي كان لغوا ومدرك هذا التقييد قرينة الحكمة التي تصرف إطلاق دليل الاستصحاب عن مثل ذلك.
وهذه الصياغة لهذا الركن تعني المحافظة على إطلاق دليل حجية الاستصحاب بأوسع ما يمكن حيث تسمح بجريان الاستصحاب حينئذ حتى فيما إذا لم يكن المستصحب أثرا شرعيا ولا ذا أثر شرعي أو قابلا للتنجيز والتعذير بوجه من الوجوه على شرط ان يكون لنفس التعبد الاستصحابي به أثر يخرجه عن اللغوية ، كما إذا أخذ القطع بموضوع خارجي لا حكم له تمام الموضوع لحكم شرعي وقلنا بقيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي باعتبار جعل الطريقية له فانه بالإمكان حينئذ جريان الاستصحاب لترتيب حكم القطع وان لم يكن للمستصحب أثر وهذا معنى إمكان قيامه مقام القطع الموضوعي دون الطريقي في بعض الموارد.
الصيغة الثانية ـ ان الاستصحاب يتقوم بان يكون المستصحب قابلا للتنجيز والتعذير ولا يكفي مجرد ترتب الأثر على نفس التعبد الاستصحابي ولا فرق في قابلية المستصحب للمنجزية والمعذرية بين ان يكون ذلك باعتباره حكما شرعيا أو عدم حكم شرعي أو موضوعا لحكم أو دخيلا في متعلق الحكم كالاستصحابات الجارية لتنقيح شرط الواجب مثلا إثباتا ونفيا. ومدرك هذه الصيغة التي هي أضيق من الصيغة السابقة استظهار ذلك من نفس دليل الاستصحاب لأن مفاده النهي عن نقض اليقين بالشك والنقض هنا ليس هو النقض الحقيقي لأنه واقع لا محالة ولا معنى للنهي عنه وانما هو النقض العملي ، وفرض النقض العملي لليقين هو
__________________
(١) مصباح الأصول ، ج ٣ ، ص ٢٣٢