عند الشك حتى يعلم بالقذارة بدعوى ان عمر الجامع الاستصحابي أطول لا محالة فحتى مع العلم بارتفاع الطهارة الظاهرية يبقى مجال لاستصحاب الطهارة الواقعية ما لم يعلم بالنجاسة ، فهذا مضافا إلى عدم جدواه في مورد احتمال النجاسة من أول الأمر ، خلاف الظاهر أيضا فان ظاهر الغاية رجوعها إلى تمام المغيا لا صرف الوجود منه ، وان أريد إرجاع الغاية وهي العلم بالنجاسة إلى الطهارة الواقعية لإفادة الاستمرار الحقيقي وبيان حد الطهارة الظاهرية وانها لا ترتفع الا بالعلم بالنجاسة ، فهذا أيضا خلاف الظاهر إذ يشبه استعمال اللفظ في معنيين لأن الاستمرار العنائي غير الاستمرار الحقيقي (١).
وهكذا يظهر ان الاتجاه الأول والّذي كان يهدف استفادة الطهارة أو الحلية الواقعية والظاهرية والاستصحاب من هذه الأدلة غير تام.
واما الاتجاه الثاني الّذي كان يهدف استفادة امرين من الأمور الثلاثة المتقدمة في الاتجاه السابق ففيه قولان :
أحدهما ـ للمحقق الخراسانيّ ( قده ) في الكفاية وهو دعوى استفادة الحكم الواقعي والاستصحاب.
والاخر ـ استفادة الحكم الظاهري والاستصحاب وقد نسبه الشيخ ( قده ) إلى صاحب الفصول.
اما القول الأول فقد اتضحت نكاته ووجه الاستدلال فيه عند البحث عن الاتجاه الأول حيث عرفت ان استفادة الاستصحاب من الذيل بحاجة إلى افتراض دلالة ( حتى ) أو الإطلاق في المغيا بلحاظ الغاية أو فرض تقدير وحذف في الجملة على إرادة الاستمرار الاستصحابي ، وكل هذه الوجوه غير تامة كما لا يساعد عليه مقام الإثبات.
واما القول الثاني المنسوب إلى صاحب الفصول فيرد عليه : مضافا إلى ما تقدم من محاذير الجمع بين جعلين في خطاب واحد ونسبة تامة واحدة وعدم معقولية الشك في
__________________
(١) ظهور الغاية في الرجوع إلى تمام المغيا لا جزؤه انما يصح إذا كانت النسبة التامة في الجملة واحدة واما بناء على افتراض تعددها واستفادة جعلين فلا موضوع لأصل هذا الإشكال بل يكون الجعل الثاني حينئذ ان الطهارة ـ سواء كانت واقعية أم ظاهرية ـ كلما تحقق الشك في بقائها فهي مستمرة وهي قضية مستقلة مجعولة على نهج القضية الحقيقية الشرطية.