المبحث الثاني : دلالة هيئة الأمر على الوجوب

قد عرفت أنّ هيئة افعل موضوعة لإنشاء البعث وأنّها ليست موضوعة للوجوب ولا للندب ، وإنّهما خارجان عن مدلول الهيئة ـ ومع ذلك ـ هناك بحث آخر ، وهو أنّه لا إشكال في لزوم امتثال أمر المولى إذا علم أنّه يطلب على وجه اللزوم إنّما الكلام فيما إذا لم يعلم فهل يجب امتثاله أو لا؟ الحقّ هو الأوّل.

لأنّ العقل يحكم بلزوم تحصيل المؤمّن في دائرة المولوية والعبودية ولا يصحّ ترك المأمور به بمجرّد احتمال أن يكون الطلب طلبا ندبيا وهذا ما يعبّر عنه في سيرة العقلاء بأنّ ترك المأمور به لا بدّ أن يستند إلى عذر قاطع ، فخرجنا بالنتيجة التالية :

١. انّ المدلول المطابقي لهيئة افعل هو إنشاء البعث.

٢. الوجوب ولزوم الامتثال مدلول التزامي لها بحكم العقل.

المبحث الثالث : استفادة الوجوب من أساليب أخرى

إنّ للقرآن والسنّة أساليب أخرى في بيان الوجوب والإلزام غير صيغة الأمر ، فتارة يعبّر عنه بلفظ الفرض والكتابة مثل قوله سبحانه : ﴿قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ(التحريم / ٢) ، وقال : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ (البقرة / ١٨٢) ، وقال : ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (النساء / ١٠٣).

وأخرى يجعل الفعل في عهدة المكلّف قال : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (آل عمران / ٩٧).

وثالثة يخبر عن وجود شيء في المستقبل مشعرا بالبعث الناشئ عن إرادة

۲۴۸۱