حتى رأسها ، ومثل قوله سبحانه : ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ (البقرة / ١٨٧).

وأمّا العاطفة فهي خارجة عن البحث ، لأنّ الغاية فيها داخلة تحت حكم المغيّى قطعا، كما إذا قال : مات الناس حتى الأنبياء ، فإنّ معناه أنّ الأنبياء ماتوا أيضا ، والغرض من ذكر الغاية هو بيان أنّه إذا كان الفرد الفائق على سائر أفراد المغيّى ، محكوما بالموت فكيف حال الآخرين ، ونظيره القول المعروف : مات كلّ أب حتى آدم.

إذا عرفت ذلك فالحقّ هو القول الأوّل ، أي عدم دخول الغاية في حكم المغيّى أخذا بالتبادر في مثل المقام ، قال سبحانه : ﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (القدر / ٤ و ٥) فإنّ المتبادر منه أنّ النزول أو السلام إلى مطلع الفجر لا فيه نفسه ولا بعده ، وكقول القائل : قرأت القرآن إلى سورة الإسراء ، فإنّ المتبادر خروج الإسراء عن إخباره بالقراءة ، فإن تمّ ما ذكرنا من التبادر فهو ، وإلاّ فالقول الرابع هو الأقوى من أنّه لا ظهور لنفس التقييد بالغاية في دخولها في المغيّى ولا في عدمه.

الجهة الثانية : في مفهوم الغاية والظاهر دلالة الجملة على ارتفاع الحكم عمّا بعد الغاية وحتى عن الغاية أيضا إذا قلنا بعدم دخولها في حكم المغيّى ، لأنّ المتفاهم العرفي في أمثال المقام هو تحديد الواجب وتبيين ما هو الوظيفة في مقام التوضّؤ ، ويؤيد ما ذكرنا تبادر المفهوم في أكثر الآيات الواردة فيها حتى الخافضة كقوله سبحانه : ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ (البقرة / ١٨٧) وقال : ﴿وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ (البقرة / ١٩٣) فانّ المتبادر منها هو حصر الحكم إلى حدّ الغاية وسريان خلافه إلى ما بعدها.

۲۴۸۱